وَهُوَ من أصعب منَازِل الْعَامَّة عَلَيْهِم وأوهى السبل عِنْد الْخَاصَّة لِأَن الْحق قد وكل الْأُمُور كلهَا إِلَى نَفسه وأيأس الْعَالم من ملك شَيْء مِنْهَا
وَهُوَ على ثَلَاث دَرَجَات كلهَا تسير مسير الْعَامَّة
الدرجَة الأولى التَّوَكُّل مَعَ الطّلب ومعاطاة السَّبَب على نِيَّة شغل النَّفس ونفع الْخلق وَترك الدَّعْوَى
والدرجة الثَّانِيَة التَّوَكُّل مَعَ إِسْقَاط الطّلب وغض الْعين عَن السَّبَب اجْتِهَادًا فِي تَصْحِيح التَّوَكُّل وقمع تشرف النَّفس وتفرغا إِلَى حفظ الْوَاجِبَات
والدرجة الثَّالِثَة التَّوَكُّل مَعَ معرفَة التَّوَكُّل النازعة إِلَى الْخَلَاص من عِلّة التَّوَكُّل وَهُوَ أَن يعلم أَن ملكه الْحق تَعَالَى للأشياء ملكة عزة لَا يُشَارِكهُ فِيهَا مشارك فيكل شركته إِلَيْهِ
فَإِن من ضَرُورَة الْعُبُودِيَّة أَن يعلم العَبْد أَن الْحق هُوَ مَالك الْأَشْيَاء وَحده
1 / 44