فكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا حضرت الصلاة خرج بعلي مستخفيا إلى بعض شعاب مكة فيصليان، وأقاما على ذلك ثمان سنين ليس على وجه الأرض أحد يدين الله بالإسلام غيرهما وخديجة بنت خويلد، وعبر عليهما أبو طالب فقال لرسول الله صلى الله عليه وآله: ما هذا الذي تصنعه يا ابن أخي؟
فقال: «يا عم هذا دين الله أرسلني به، وهذه ملة أبينا إبراهيم، وأنت يا عم أحق من بدأت له بالنصيحة ودعوته إلى دين الله، وأنت أحق من أجاب إليه وأعلن عليه».
فزعموا أنه قال له: أما مفارقة ما أنا عليه فما لي إلى ذلك من سبيل، وأما عونك فو الله لا يخلص إليك أحد بشيء تكرهه ما بقيت.
وقال لعلي: اتبع ما يقول لك محمد ولا تفارقه والزمه، فإنه لم يدعك إلا إلى دين الله (1).
ثم أنزل الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وآله: وأنذر عشيرتك الأقربين (2) فخاف صلى الله عليه وآله تكذيبهم إياه وأن ينالوا منه، فتوقف عن ذلك فأتاه جبرئيل فقال: يا محمد إنك إن لم تفعل ما تؤمر به يعذبك ربك (3).
وقيل: إن الله عز وجل أنزل عليه في ذلك: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس (4) فأمر عليا صلوات الله عليه أن يدعوا إليه بني عبد المطلب، وقد صنع لهم طعاما بصاع من بر ورجل شاة وهيأ لهم عسا من لبن، فأتاه علي عليه السلام بهم وهم أربعون رجلا، وكان الرجل الواحد
पृष्ठ 83