ثم خرج، فلما رأوه قال الذين رأوا الخروج: نخشى يا رسول الله أن نكون قد أكرهناك على الخروج فأقم.
قال: «لم يكن لنبي إذا لبس لامته أن ينزعها حتى يلقى العدو» وخرج وتخلف عنه الذين رأوا القعود وقالوا: سمع رأي هؤلاء، فنحن ندعه وإياهم لما رأوه.
فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله فوافى أبا سفيان ومن معه من قريش بأحد، وهم في ثلاثة آلاف ومنهم مائتا فارس، وحصل مع رسول الله بأحد تسع مائة رجل فعبأهم وأوقف الرماة موقفا أمرهم أن لا يبرحوا منه وأمرهم بالقتال، فلما رآهم المشركون فشلوا وخاف أبو سفيان أن تكون الحال فيهم كيوم بدر، فقال لبني عبد الدار: إنكم وليتم اللواء يوم بدر فانهزمتم، وإنما يؤتى الناس من قبل راياتهم إذا زالت زالوا، فإما أن تكفونا اللواء أو تخلوا بيننا وبينهم.
فغضبوا وأسمعوه كلاما خشنا، وذلك الذي أراد منهم أن يحرضهم، وقامت هند مع النساء يضربن الدفوف، وهند تقول تحرض المشركين:
نحن بنات الطارق
نمشي على النمارق
والدر في المخانق
والمسك في المفارق
إن تقبلوا نعانق
ونفرش النمارق
أو تدبروا نفارق
فراق غير وامق
* * *
والتحم القتال وأبلى علي وحمزة رحمه الله بلاء شديدا، ونادى طلحة بن طلحة صاحب لواء المشركين: يا أصحاب محمد أنكم تزعمون أن من قتل منا كان في النار ومن قتل منكم كان في الجنة، فأيكم يبرز إلي ليعجلني إلى النار أو أعجله إلى الجنة.
فبرز إليه علي عليه السلام فقال: «أنا والله لا أفارقك حتى أعجلك إلى النار إن شاء الله».
وحمل بعضهما على بعض وهما مدججان، فانحسرت الدرع عن ساق طلحة فضربه علي عليه السلام بالسيف فأبان رجله، وقام على رأسه ليقتله فناشده بالله والرحم فتركه علي، فقيل لعلي في ذلك فقال: «استحييت لما ناشدني بالرحم ورأيت أنه لا
पृष्ठ 156