ثم عقد بابا ذكر فيه ما يستدل به على رغبة العلماء في عصر الشافعي ومن بعد عصره في كتبه، والاقتباس من علمه، والانتفاع به، وحسن الثناء عليه. وصدره بقوله: «وذلك لانفراده من فقهاء الأمصار بحسن التأليف؛ فإن حسن التصنيف يكون بثلاثة أشياء:
أحدها: حسن النظم والترتيب.
والثاني: ذكر الحجج في المسائل مع مراعاة الأصول.
والثالث: تحري الإيجاز والاختصار فيما يؤلفه.
وكان قد خص بجميع ذلك، رحمة الله عليه ورضوانه»
وذكر في هذا الباب قول الجاحظ: «نظرت في كتب هؤلاء النَّبَغَة الذين نبغوا، فلم أر أحسن تأليفا من المُطّلبي، كأَن فاه نظم دُرًّا إلى درّ».
ثم ذكر ما يستدل به على حفظ الشافعي لكتاب الله، ومعرفته بالقراءات، وحسن صوته بالقراءة. وجعل الباب الذي يليه فيما يستدل به على معرفة الشافعي بتفسير القرآن، ومعانيه، وسبب نزوله.
ثم أتبعه بباب ما يستدل به على معرفة الشافعي بمعاني أخبار رسول الله. وقد بدأه بقول أحمد بن حنبل: ما كان أصحاب الحديث يعرفون معاني حديث رسول الله حتى قدم الشافعي فبينها لهم.
وهو باب عظيم أتى فيه البيهقي بمُثلٍ رائعة تدل على أن الشافعي كان - كما قال يونس بن عبد الأعلى - نسيج وحده في هذه المعاني.
ثم أعقب ذلك بباب ما يستدل به على فقه الشافعي، وتقدمه فيه، وحسن
المقدمة / 15