293

البحث الثاني عشر

في أنه تعالى غني

ذات واجب الوجود مستغنية عن غيرها ويستحيل انفعالها عنه فيكون غنيا وهذا ظاهر ، وأيضا ذلك الغير إن كان واجبا فهو محال لما يأتي ، وإن كان ممكنا استند إليه فيكون مفتقرا إليه فكيف يعقل افتقاره الى ما يفتقر إليه ، والمتكلمون طولوا في هذا الباب مع ضعف براهينهم ، ونحن نذكر هاهنا خلاصة ما نقل إلينا من كلامهم.

قال مشايخ المعتزلة : لو كان واجب الوجود محتاجا (1) في جلب نفع او دفع ضرر لكان مشتهيا ونافرا واللازمان باطلان والمقدم مثلهما ، بيان الملازمة أن النفع هو اللذة والسرور وما يؤدي إليهما او الى احدهما ، والضرر هو الألم والغم ما يؤدي إليهما او الى احدهما ، واللذة إدراك المشتهى والسرور اعتقاد وصول النفع او اندفاع الضرر ، والألم إدراك ما ينفر عنه والغم اعتقاد وصول الضرر او فوات النفع ، فكل من جازت عليه المنفعة والمضرة جازت عليه اللذة والألم ، ومن جازت عليه هاتان الصفتان جازت عليه الشهوة والنفرة.

وأما بطلان التالي ، فلأنه لو كان مشتهيا فإما أن يكون لذاته فيكون مشتهيا للشيء الواحد ونافرا عنه في الوقت الواحد هذا خلف ، وإما أن يكون لشهوة قديمة وهو محال لاستحالة تعدد القديم ، وإما أن يكون لشهوة محدث فيكون ملجأ الى

पृष्ठ 341