فخوف الأمويين من انتشار الدعاية لآل رسول الله ومن توليهم على الحكم منذ عهد معاوية بن أبي سفيان أوجب قيامهم ضد الإمام السبط أبي عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب في عهد يزيد بن معاوية، وضد ثورة حفيده الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي رضوان الله عليهم في عهد هشام بن عبد الملك .
وهذا الخوف هو نفسه خوف العباسيين منذ أخمدوا ثورة الإمام إبراهيم [بن عبد الله] بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ” ومن بعده في عهد المنصور أبي الدوانيق العباسي وغيره.
نعم اتفقت الدولتان الأموية والعباسية على محاربة الزيدية برغم أن الدولتين متناحرتان فيما بينهما.
واستوت مع ذلك أعمال الدولتين وسياستهما تجاه الفرقة الزيدية، وليس لهذا سبب، إلا أن حب الاستئثار بالحكم أوجب ذلك.
وقد اشتهر أن كلا من حكام الأموية والعباسية لم يأل جهدا في الإيقاع بأئمة الزيدية وعلمائهم، وتفريقهم في الأمصار، ومعاداة كتبهم، وإحراق مؤلفاتهم، ومعاداة من يروي شيئا من فتاويهم أو أدلتهم كما وقع مع عبد الله بن لهيعة المتوفى سنة 164ه بمصر بعد إحراق كتبه ومؤلفاته، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى هي تحديد اتباع المذاهب الأربعة لا غيرها وفرضها على جماهير المسلمين لصرف تفكير العلماء عن البحث في الأدلة، والغرض هو الجمود على التقليد وتحريم الاجتهاد عن أئمة الرواية والدراية، لعلمهم بأن ذلك يؤدي إلى المعرفة بأئمة الحق والعدل، ولذلك أنكروا على الزيدية مذهبهم واستنكروا اتباعهم، بل وشهروا السلاح في وجوههم.
ورغم ذلك، ورغم طول المدة في كتم الأموية وكتم العباسية، رغم كل ذلك فقد ظهر من بين الكتمين ما ملأ الخافقين من الأدلة النبوية.
पृष्ठ 7