ثم إن مذهب الزيدية عدم الاعتراض على أي من المجتهدين في العمل بما أدى إليه اجتهاده في المسائل العلمية الفرعية؛ لأن ذلك هو المطلوب منه بالدليل من القرآن. قال تعالى: {ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين}[الحشر:5]، وسبب النزول معلوم وهو أن من الصحابة الكرام من اجتهد بقطع الأشجار المثمرة في بني قريظة لئلا ينتفع بها الكفار فتقوى بها شوكتهم في حربهم للمسلمين فقطع أشجارا من النخيل، ومنهم من اجتهد فرأى المصلحة في حفظ الأشجار وسلامتها لينتفع بها المزارعون بعد انتهاء الحرب فلم يقطع شجرة واحدة.
وعند نهاية المعركة أنزل الله الآية المذكورة مطمئنا كل أولئك الذين قطعوا والذين لم يقطعوا بأن ذلك بإذن الله.
وقال تعالى: {ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما}[الأنبياء:79] وذلك يفيد أن كلا من سليمان وأبيه داود -عليهما السلام- قد أصابا في الحكم بشأن الحرث الذي نشبت فيه الغنم.
ومن السنة كثير كقول الرسول : ((من اجتهد فأصاب فله أجران، ومن اجتهد فأخطأ فله أجر)) ولتقريره لقول معاذ رضي الله عنه: (أجتهد رأيي) في الحديث الطويل عندما بعثه إلى اليمن وهو مشهور.
والشرط في صحة الاجتهاد هو أن يصدر من عارف بعلوم الاجتهاد، وأن لا يخرق الإجماع في المسائل التي قد أجمعت الأمة عليها.
وذلك يلزم فيه التبحر في العلوم حتى يعرف نصوص الأدلة وطريقها، والعموم والخصوص، والناسخ والمنسوخ، والمنطوق والمفهوم، وغير ذلك من شروط الاجتهاد وعلومه.
لهذه الأدلة ولفعل الصحابة يقول الزيدية: إن كل مجتهد مصيب في العمل بما أدى إليه اجتهاده في المسائل الفرعية.
पृष्ठ 5