نعم، أما الزيدية .. فرغم أنهم على الحق وبيدهم البرهان على ذلك فإنهم كما عهدوه في القديم والحديث يقرؤون الكتاب الكريم والسنة النبوية، يقرؤون تفاسير القرآن الكريم المؤلفة عند غيرهم، ويقرؤون السنة النبوية في جميع مسانيد الحديث وأمهات الكتب المدونة في ذلك، ويطلبون الحديث ويبحثون عن صحته، ويقرؤون ذلك في مدارسهم العلمية، ويكتبون عن الخلافات والآراء عن جميع العلماء، ويؤلفون في ذلك، وقد يسر الله في هذه المدة طبع ونشر كتاب (البحر الزخار الجامع لمذهب علماء الأمصار) تأليف أحد كبار علماء الزيدية وهو الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى رحمه الله تعالى وننصح الجميع بمطالعته فإنه حشر فيه الأقوال والمذاهب وأدلة كل قائل والرد عليها أو الموافقة، وهكذا كان كل علماء الزيدية وما يزالون حتى اليوم فإنهم لا يفرضون حجتهم على أتباعهم ولا على غيرهم في المسائل العلمية الظنية، ولا يرون انتقاص أي المذاهب الأربعة أو غيرها مهما كانت المسألة ظنية.
كما أن من قواعدهم حرية البحث الديني في المسائل وأحكامها، ووجوب بذل الجهد من العلماء لاستنباط الحكم من المسألة بعد معرفة النص ومنطوقه ومفهومه، والبحث عن العام والمخصص، ومعرفة الدليل الذي عندهم والذي عند غيرهم والعمل في المسائل الدينية كلها بما هو الأصح والأرجح من الأقوال والذي قام عليه الدليل الصحيح، وسواء كانت المسألة في عبادة أو معاملة أصولية أو فروعية.
ومن قواعدهم تحريم التقليد على من بلغ درجة الاجتهاد من العلماء، وتجويز التقليد كضرورة ملجئة لغير المجتهد وهو الذي لم يبلغ بمعرفته درجة تمكنه من الاجتهاد لنفسه في تنوير الحكم الشرعي في المسألة التي يزاولها ويريد العمل بها.
पृष्ठ 4