ودليلهم في ذلك في قوله تعالى: {ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله}[الحشر:5]، وقوله : ((من اجتهد فأصاب فله أجران، ومن اجتهد فأخطأ فله أجر)) وقد سبق توضيح هذا الدليل بأكثر من هذا.
فلو أن كل المسلمين عملوا بهذه الفكرة، وتوضحت لدى علمائهم فبينوها للناس لما وجدنا أحدا من أفراد المسلمين يتنافر مع أي أخ مسلم لمجرد أنه رآه فعل في صلاته فعلا غير معمول به عند جماعته، وبالتالي فلا يظهر له كراهية، ولا يتأخرون عن أداء الجماعة في الصلاة بتقديم أحدهم أو الأصلح فيهم دون تمييز بين من يرسل يديه حال القيام وبين من يضمها ويضع الكف على الكف، ودون تمييز بين من يقرأ ويجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في الجهرية وبين من يقرأ أو يسر بها في الجهرية أيضا، ودون تمييز بين من جعل ألفاظ الأذان مثنى ومن زاد (حي على خير العمل)، وبين من جعل التكبير أربعا ونقص (حي على خير العمل).
وبهذا تقع التفرقة الوهمية بين المسلمين وبالخصوص في هذا الوقت العصيب الذي أصبح الدس بين المسلمين لتفريقهم هو الأمر الشاغل لهم من أعدائهم القاصدين بشتى الوسائل تشتيت شملهم وتشويش أفكارهم، وربما كانوا أيضا من المغتصبين لأراضيهم والمستبدين بحقوقهم المشروعة في أوطانهم.
لهذا وذاك ولما قلنا وغيره مما هو معروف من السباب نجد أن ترجيح حجة الزيدية في قاعدتهم (كل مجتهد مصيب في المسائل الفرعية) -مع معرفة شروط الاجتهاد عندهم- هو الأولى بأن يتبع ويعمم كأصل وقاعدة شرعية عند فرقاء المذاهب المشهورة، فإن الزيدية يقولون: التقليد جائز لغير المجتهد لا له.
وعلى هذا فالمسألة إنما يؤديها المؤمن بأحد طريقتين: إما اجتهادا أو تقليدا، فإن كان مجتهدا فلماذا يعترض واجتهاده لم يخرج به عن إجماع الأمة؟! وإن كان مقلدا فلماذا نفند عليه العمل بمذهب من يقلده إذا كان ملتزما به؟!
पृष्ठ 25