فالعقل حجة عظيمة على الإنسان، يعرف به نفسه ويعرف أنه مخلوق، وأن وراء المخلوقات قوة هي فوق كل قوة، وأن وراء كل الكائنات مكونا مختارا، حيا قادرا، عليما حكيما، لا إله إلا هو.
وما زال العلم الحديث كلما تطور أو كلما تقدم أكثر نجد الحقيقة أنه ما يزال يجهل الكثير جدا وذلك مصداق قوله تعالى: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}[الإسراء:85].
وما كان للإنسان أن يحيط بشيء من ملكوت الله، حتى ولا يمكن له أن يحيط بعلم نفس الإنسان وروحه وجثمانه وتركيبه وغذائه، وما زال الإنسان عاجزا عند ذلك فكيف يتكهن له أحد أن يحيط بعلم من سواه وهو عاجز عن إدراك نفسه بحق وحقيقة؟! إذ المجهول في الإنسان نفسه أكثر مما هو معلوم للعلماء حتى اليوم، وما يزال كل الذين تقدموا في كشف بعض المعلومات يقولون بلسان الحال كما قال الأول:
كلما ازددت علما .... زادني علما بجهلي
وكل هذا دليل واقعي على صدق ما جاء في قوله تعالى: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}، وقوله جلت قدرته: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها}[إبراهيم:34]، وقوله سبحانه: {قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا}[الكهف:109]، وقوله تعالى: {سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون}[يس:36].
पृष्ठ 21