معرفة الدليل
هنا ينبغي للقارئ الكريم أن يقف قليلا لوجهة نظر الزيدية وأئمتهم من آل رسول الله في الدليل الذي هو المؤدي لمعرفة الحكم في أي مسألة أصولية أو فروعية علمية أو ظنية.
وقبل ذلك يجب أن لا يغيب عن ذهن الناظر ما أسلفناه من تقرير الزيدية في المسائل الفرعية الظنية، وهو أن كل مجتهد مصيب ، إذ المطلوب من كل مجتهد هو العمل بما أدى إليه اجتهاده في المسألة التي يكفي فيها الدليل الظني.
وفي تقرير الزيدية في المسائل العلمية القطعية كمسائل الأصول بأن الحق فيها مع واحد، إذ لا يجوز الاختلاف فيها، ذلك لأنه عندما يكون الدليل القطعي معروفا يكون الحكم معلوما للعلماء العارفين الذين يطلبون معرفة الحقيقة للحق وحده.
فأما الأدلة في الأحكام فهي قسمان: عقلي ونقلي:
أما الدليل العقلي، فيستظهر بالدليل العقلي على الأصول وعلى رأسها التوحيد وهو:
أولا: إثبات وجود الله سبحانه الواجب الوجود الدائم سبحانه وتعالى، وإثبات وحدانيته وأنه الخالق العالم الحي القادر.
ثانيا: إثبات أن محمدا رسول الله بإثبات صحة النبوة وتثبيت دلائلها.
ثالثا: إثبات أن القرآن الكريم كلام الله وصحة تنزيله على قلب رسوله.
وإثبات هذه الثلاثة الأصول إنما يكون بالدليل العقلي.
وأما الدليل النقلي فهو أربعة أقسام كما هو معروف في أصول الفقه وهي:
1- القرآن الكريم.
2- السنة النبوية.
3- الإجماع.
4- القياس.
وإن يكن قد وقع اشتباه في العمل بالدليل العقلي حتى حصل تنافر بين العلماء المتقدمين وأدى إلى المقاطعة وربما التكفير والتفسيق لبعضهم بعضا فقد وضح اليوم صحة العمل بالدليل العقلي؛ لأنه الأصل في معرفة ما ذكرناه من أصول الدين، وما تفرع عليها من المسائل، فضاقت شقة الخلاف والحمد لله.
فالعقل هو المرجع في تصحيح الأشياء، وصحة إطلاق صفات الله سبحانه وصفات القرآن الكريم على أكمل الصفات.
पृष्ठ 19