نعم فالذي ذهبت إليه الزيدية في ذلك هو ما كان معمولا به في عهد الراشدين، فقد كانوا ينبذون من شذ منهم وينأون عنه ويقاتلونه عند تفاقم أمره، ولذلك قامت حروب الردة وقامت حرب الجمل وحرب صفين وغيرها، وغني عن البيان أن الصحابة ما قاتلوا إلا من أبى شرف الصحبة وعمل ضد المؤمنين عملا بقوله تعالى: {فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله}[الحجرات:9].
لما ذكرنا من الأدلة وغيرها يقول [علماء] المذهب الزيدي: الصحابة كلهم عدول إلا من أبى، ومن أبى ليس بصحابي إلا من تاب.
ومفهوم الصحابي هو المفهوم الذي كان يعمل به أئمة المذاهب الأربعة منهم الإمام الشافعي رضوان الله عليه.
ومفهوم من أبى الصحبة هو مفهوم حديث الحوض الذي رواه أئمة الحديث .
وعلى هذا فالصحابة الأسوة والتابعون القدوة هم الذين عملوا بكتاب الله وسنة رسول الله وليس هم الذين عملوا ضد الرسالة المحمدية.
ومع ذلك فلا يمكن حصر الفكر الإسلامي في المذاهب الأربعة، ولا يمكن تحريم النظر فيما هو الأصل والمرجع الأول، أعني كتاب الله وسنة رسول الله .
بل يحسن نبذ الجمود ولا سيما في هذا العصر، أعني عصر التقريب بين المذاهب، وقد وجدنا والحمد لله كثيرا من العلماء سارع في الاتجاه إلى الدليل وترك التقليد، كما فطن الكثيرون إلى نبذ الجمود الذي كان مرادا منهم، أي الجمود على مذهب إمام معين، أو بعبارة أخرى تحريم النظر والاجتهاد.
وعرفنا أن منهم من قد آثر الاجتهاد وعدم التقليد، مثل الإمام محمد عبده، وجمال الدين الأفغاني، والإمام حسن البنا، والسيد محمد رشيد، والسيد قطب، والأستاذ محمد عمارة، والأستاذ عبد الكريم عثمان، والأستاذ عفيف عبد الفتاح طبارة، والأستاذ محمد أبو زهرة، وغيرهم من علماء القرن العشرين الميلادي.
पृष्ठ 15