إن الإنسان في خلال إدراكه وفي خلال وجوده بكامل قواه العقلية المدركة يستطيع أن يرى في نفسه خاصيتين مفترقتين: أولاهما خاصية عمياء حساسة والأخرى روحية مبصرة. أما الخاصية الحيوانية العمياء فإنها تنحصر في أنه يأكل ويشرب ويستريح وينام ويتناسل ويتحرك كما تتحرك الآلات الصماء. وأما الخاصية الروحية المبصرة - المرتبطة بالخاصية الحيوانية - فإنها لا تفعل شيئا من نفسها، بل إنها تراقب عمل الخاصية الحيوانية التي تخالفها وتشتبك معها في حرب عوان.
إن الخاصية المبصرة هذه تشبه البوصلة (إبرة القبلة)، التي يشير طرفها الواحد إلى الشمال والطرف الآخر إلى الجنوب، وعقرباها يرشدان السفن والمسافرين إلى الجهة المقصودة، فإن فعل حاملها بحسب إشارتها فإنه لا يضل الطريق، بل يصل إلى المحل المقصود بأمان واطمئنان. وهكذا فإن الخاصية الروحية التي نسمي مظهرها في أحاديثنا بالضمير الذي ترشد إحدى جهاته إلى الخير والأخرى إلى الشر، ونحن لا نراه - أي الضمير - إلا إذا حدنا عن الجهة التي يرشدنا إليها؛ أي من الخير إلى الشر. وكل إنسان يشعر شعورا محسوسا بأنه إذا ارتكب إثما مخالفا لصوت الضمير وإرشاداته، فإنه يسمع من داخله صوتا قاسيا يؤنبه تأنيبا مؤلما، ويقول له: لقد انتصرت خاصيتك الحيوانية على خاصيتك الروحية المبصرة.
إن تسعة أعشار الجرائم ترتكب بسبب السكر.
إن أكثر النساء الساقطات يسقطن في هوة الفساد بسبب الخمر. إن تسعين في المئة من الرجال الذين يرتادون منازل العاهرات يكونون سكارى. إن الناس يعلمون حق العلم خاصية الخمرة، ولكنهم يخنقون صوت الضمير ويشربونها وهم عالمون بتلك العواقب الوخيمة التي تنجم عنها.
إن بعض الدول إذا أرادت القيام بمعارك بالسلاح الأبيض تسقي جنودها قبل المعركة كاسات عديدة من الخمر، وقد أشار التاريخ إلى أن الجنود الفرنسية في معارك سيفاستوبل الشهيرة كانوا دائما أبدا سكارى. إن الناس يسعون دائما إلى إماتة ضمائرهم وقتل وجدانهم بتعاطيهم المخدرات والمكيفات. إنهم يعلمون كما قدمنا حق العلم عواقب تعاطي تلك المهلكات الوخيمة، ولكنهم يقدمون عليها لأن ضمائرهم ماتت وإحساساتهم ضاعت، فيحكمون على نفوسهم بالإعدام وعلى زوجاتهم وأولادهم بالجوع والفاقة والسقوط أحيانا في مهاوي مواخير الرجس والخنا. والغريب فيهم أنهم لا يسمعون نصيحة ناصح ولا يرعوون عن غيهم وضلالاتهم ويسترسلون في موبقاتهم، وبذلك يقضون على نفوسهم بالموت المحقق.
مبادئ تولستوي
تنحصر مبادئ تولستوي الدينية والاجتماعية في الخمس الوصايا الآتية:
أولا:
حب الله من كل نفسك، وحب قريبك كذلك، ولا تهن أحدا، واجتهد بألا تحرض أحدا على فعل الشر؛ لأن الشر يتولد من الشر.
ثانيا:
अज्ञात पृष्ठ