تمهيد الخراج
عندما تفتح البلاد عنوة يجوز للخليفة على مقتضى الشريعة الإسلامية أحد هذين الأمرين: (1)
وضع يده على أرضها وقسمتها بين الفاتحين. (2)
تركها تحت أيدي أهل البلاد وتوظيف الخراج عليها.
أما إذا فتحها صلحا فيجب احترام ما صالح عليه أهلها احتراما كليا.
ولما فتح العرب مصر أثار هذا الفتح مسألة معرفة ما إذا كانت فتحت عنوة أو صلحا مبنيا على عهد وشروط، ونتج عن ذلك جدل بين مختلفي المؤرخين فيما بعد ، فبعضهم يميل إلى الرأي الأول وبعضهم ينتصر للثاني، على أننا نعترف بأنه يوجد ما يدعو للانتصار لرأي كل فريق منهما.
فرأي الفريق الأول مبني على أن البلد دافع عن نفسه بالقوة، ثم رجع وسلم بعهد أبرم بين المقوقس وعمرو، وذلك حقيقة ما حصل، وبمقتضى هذا العهد التزم الأول بالنيابة عن أهل مصر أن يدفع جزية قدرها ديناران (120 قرشا) عن كل شخص، ولكن بما أنه قامت فيما بعد وقائع حربية في ترنوط وكوم شريك وسلطيس والكريون، وكثير من المدن تم الاستيلاء عليها بقوة السلاح، مثل: سخا والخيس وسلطيس وقرطاسة ومصيل وبلهيب وإسكندرية؛ فأنصار هذا الرأي يعتبرون العهد المبرم مع المقوقس قد أصبح في حكم الملغى، وأن البلاد يجب أن تعامل بحكم المفتوحة عنوة.
وأما أنصار الرأي الثاني فيبنونه على أن العهد قد ربط البلاد كلها، ولا يمكن أن تلغيه المقاومة فيما بعد، وقد نفذ الشرط الأساسي فيه وهو جباية دينارين عن كل شخص، وهذا دليل على احترام هذا العهد. أما الإسكندرية فالكل أجمعوا على أنها أخذت عنوة، وأن معاملتها يصح أن تكون على هذا الاعتبار.
وقد عقد ابن عبد الحكم في كتابه «فتوح مصر» فصلين لهذه المسألة، خصص كلا منهما لكل من الرأيين السابقين، فجاء عن الرأي الأول بالصفحة 88 وما بعدها تحت العنوان الآتي ما نصه:
ذكر من قال فتحت مصر عنوة
अज्ञात पृष्ठ