मजमूअत रसाइल व मसाइल

इब्न तैमिया d. 728 AH
96

मजमूअत रसाइल व मसाइल

مجموعة الرسائل والمسائل

प्रकाशक

لجنة التراث العربي

حكمًا وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلًا " فلو لم يكن هناك غيره لم يكن المشركون أمروه بعبادة غير الله ولا اتخاذ غير الله وليًا ولا حكمًا فلم يكونوا يستحقون الإنكار، فلما أنكر عليهم ذلك دل على ثبوت غير يمكن عبادته واتخاذه وليًا وحكمًا، وإنه من فعل ذلك فهو مشرك بالله كما قال تعالى: " ولا تدع مع الله إلهًا آخر فتكون من المعذبين " وقال: " لا تجعل مع الله إلهًا آخر فتقعد مذمومًا مخذولًا " وأمثال ذلك. وأما قول القائل أن قوله: " ليس لك من الأمر شيء " عين الإثبات للنبي ﷺ كقوله: " وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى إن الذين يبايعون الله يد الله فوق أيديهم " فهذا بناه على قول أهل الوحدة والاتحاد، وجعل معنى قوله: " ليس لك من الأمر شيء " أي فعلك هو فعل الله لعدم المغايرة وهذا ضلال عظيم من وجوه: أحدها: إن قوله: " ليس لك من الأمر شيء " نزل في سياق قوله: " ليقطع طرفًا من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين، ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون " وقد ثبت في الصحيح إن النبي ﷺ كان يدعو على قوم من الكفار أو يلعنهم في القنوت فلما أنزل الله هذه الآية ترك فعلم أن معناها أفراد الرب تعالى بالأمر وأنه ليس لغيره أمر بل إن شاء الله تعالى قطع طرفًا من الكفار وإن شاء كبتهم فانقلبوا بالخسارة وإن شاء تاب عليهم وإن شاء عذبهم، وهذا كما قال في الآية الأخرى: " قل لا أملك لنفسي نفعًا ولا ضرًا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء " ونحو ذلك قوله تعالى: " يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ههنا قل إن الأمر كله لله ".

1 / 95