وفي الصحيحين عن النبي ﷺ أنه قال: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة. فإن فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام" وهؤلاء يقولون: من قال لا إله إلا الله عصم دمه وماله وإن لم يصل ولم يزك ﴿كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ فهذا كتاب الله. وهذه سنة رسوله. وهذا إجماع الصحابة على قتل من ترك الصلاة ومن منع الزكاة.
وقال صديق الأمة أبو بكر ﵁: والله لاقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة. والله لو منعوني عقالًا كانوا يؤدونه إلى رسول الله ﷺ -وفي رواية عناقًا- لقاتلهم على منعها. وهذا أيضًا إجماع العلماء.
قال في شرح الإقناع: أجمع العلماء على أن كل طائفة ممتنعة عن شريعة من شرائع الإسلام فإنه يجب قتالها حتى يكون الدين كله لله كالمحاربين بين وأولى. انتهى.
وقال أبو العباس ﵀: القتال واجب حتى يكون الدين كله لله. وحتى لا تكون فتنة. فمتى كان الدين لغير الله فالقتال واجب. فأيما طائفة ممتنعة عن بعض الصلوات المفروضات أو الزكاة أو الصيام أو الحج. أو عن التزام تحريم الدماء والأموال والخمر والزنا والميسر. أو نكاح ذوات المحارم. أو عن التزام جهاد الكفار. أو ضرب الجزية على أهل الكتاب. أو غير ذلك من التزام واجبات الدين أو محرماتها التي لا عذر لأحد في جحودها أو تركها. التي يكفر الواحد بجحودها. فإن الطائفة الممتنعة تقاتل عليها وإن كانت مقرة بها. وهذا مما لا أعلم فيه خلافًا بين العلماء وإنما اختلف الفقهاء في الطائفة الممتنعة إذا أصرت على ترك بعض السنن كركعتي الفجر أو الأذان والإقامة عند من يقول بوجوبها ونحو ذلك من الشعائر. فهل تقاتل الطائفة الممتنعة على تركها أم لا؟ فأما الواجبات أو المحرمات المذكورة ونحوها فلا خلاف في القتال عليها. انتهى كلامه.
فتأمل كل إمام الحنابلة وتصريحه بأن من امتنع من شرائع الإسلام الظاهرة كالصلوات الخمس والصيام أو الزكاة أو الحج، وعن ترك المحرمات كالزنا أو شرب الخمر أو المسكرات أو غير ذلك فإنه يجب قتال الطائفة الممتنعة عن ذلك حتى يكون الدين كله لله ويلتزمون جميع شرائع الإسلام، وإن كانوا مع ذلك ناطقين بالشهادتين، وملتزمين بعض شرائع الإسلام، وإن ذلك مما اتفق عليه الفقهاء من سائر الطوائف من الصحابة فمن بعدهم.
فأين هذا من قولكم: إن من قال لا إله إلا الله فقد عصم ماله ودمه وإن ترك الفرائض وارتكب المحرمات، بل من تأمل سيرة النبي ﷺ وسيرة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده عرف أن قولكم هذا مضاد لما فعله النبي ﷺ وما فعله الخلفاء الراشدين ومن بعدهم.
1 / 33