به على أبي بكر، واستدلال أبي بكر على قتال مانعي الزكاة لكان كافيًا، ونحن نذكر لكم كلام الشراح عذرًا أو نذرًا.
قال النووي ﵀: قوله ﷺ: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقها وحسابه على الله ﷿" قال الخطابي: ومعلوم أن المراد بها أهل الأوثان دون أهل الكتاب لأنهم يقولون لا إله إلا الله ثم يقاتلون ولا يرفع عنهم السيف، قال ومعنى حسابه على الله أي فيما يسرون به ويخفونه دون ما يخلون به في الظاهر (قال) ففيه أن من أظهر الإسلام وأسر الكفر يقبل إسلامه في الظاهر، وهذا قول أكثر العلماء، وذهب مالك إلى أن توبة الزنديق لا تقبل، ويحكى ذلك أيضًا عن أحمد بن حنبل هذا كلام الخطابي.
(وذكر القاضي عياض ﵀ معنى هذا وزاد عليه وأوضحه فقال: اختصاص عصمة المال والنفس بمن قال لا إله إلا الله تعتبر عن الإجابة إلى الإيمان وأن المراد بهذا مشركو العرب وأهل الأوثان ومن لا يوحد، وهم كانوا أول من دعى إلى الإسلام وقوتل عليه، فأما غيرهم ممن يقر بالتوحيد فلا يكتفي في عصمته بقوله "لا إله إلا الله" إذا كان يقولها في كفره وهي من اعتقاده ولذلك جاء في الحديث الآخر: وأني رسول الله، ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة" هذا كلام القاضي عياض.
قال النووي (قلت ولابد مع هذا من الإيمان بجميع ما جاء به رسول الله ﷺ كما جاء في الرواية الأخرى لأبي هريرة " حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به " انتهى كلام النووي.
فتأمل ما ذكره الخطابي وذكره القاضي عياض أن المراد بقول لا إله إلا الله التعبير عن الإجابة إلى الإيمان، واستدل لذلك بالحديث الآخر الذي فيه "واني رسول الله، ويقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة".
وتأمل قول أن المراد بحديث أبي هريرة مشركوا العرب وغيرهم ممن لا يوحد، فأما غيرهم ممن يقر بالتوحيد فلا يكتفي في عصمته بقوله لا إله إلا الله إذا كان يقولها في كفره وهي من اعتقاده وتأمل قول النووي ولا بد من الإيمان بجميع ما جاء به رسول الله ﷺ.
وبالجملة فقوله ﷺ: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله" لا نعلم أحدًا من العلماء أجراه على ظاهره وقال أن من قال لا إله إلا الله يكف عنه ولا يجوز قتاله وإن ترك الصلاة ومنع الزكاة. هذا لم يقل به أحد من العلماء -ولازم قولكم أن اليهود لا يجوز قتالهم لأنهم يقولون لا إله إلا الله، وأن الخوارج الذين قاتلهم علي بن أبي طالب لا يجوز قتالهم لأنهم يقولون لا إله إلا الله، وأن الصحابة
1 / 27