174

मजमूअत रसायल

مجموعة الرسائل والمسائل والفتاوى

प्रकाशक

دار ثقيف للنشر والتأليف

संस्करण संख्या

الطبعة الأولى

प्रकाशन वर्ष

١٣٩٨هـ

प्रकाशक स्थान

الطائف

शैलियों

फतवा
وقوله المطابق لقول النبي ﷺ "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم". أقول لا ريب أن المطابقة وقعت منه ولا بد، لكنها في النهي عنه لا في المنهى، فالذي نهى عنه النبي ﷺ من الإطراء طابقته الأبيات من قوله: يا أكرم الخلق مالي من الوذ به ... سواك ... إلى آخرها فقد تضمنت غاية الإطراء والغلو الذي وقعت فيه النصارى وأمثالهم، فإنه قصر خصائص الالهية والربوبية التي قصرها الله على نفسه، وقصرها عليه رسول الله ﷺ فصرفها لغير الله، فإن الدعاء مخ العبادة واللياذ من أنواع العبادة، وقد جمع في أبياته الاستعانة والاستغاثة بغير الله، والالتجاء والرغبة إلى غير الله، فإن غاية ما يقع من المستغيث والمستعين والراغب إنما هو الدعاء واللياذ بالقلب واللسان، وهذه هي أنواع العبادة التي ذكرها الله تعالى في مواضع كثيرة من كتابه وشكرها لمن قصرها على الله ووعده على ذلك الإجابة والإثابة كقوله تعالى: ﴿هُوَ الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ وقوله: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ وقوله: ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا * قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا﴾ الآية فهذا هو الدين الذي بعث الل به نبيه محمدًا ﷺ، وأمره أن يقول لهم: ﴿إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا (الجن:٢٠) قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا﴾ إلى آخر الآيات وهذا هو توحيد الربوبية فوحد الله في الهيتة وربوبيته وبين للأمة ذلك كما أمره الله تعالى وقال تعالى: ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (الشرح:٧) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ﴾ أمره بقصر الرغبة على به تعالى وقال: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾ . ونهى عن الاستعاذة بغيره بقوله تعالى عن مؤمن الجن ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا﴾ واحتج الإمام أحمد ﵀ وغيره على القائلين بخلق القرآن بحديث خولة بنت حكيم مرفوعًا "من نزل منزلًا فقال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق" الحديث على أن القرآن غير مخلوق، إذ لو كان مخلوقًا لما جاز أن يستعاذ بمخلوق لأن الاستعاذة بالمخلوق شرك، وأمثال ذلك من القرآن والحديث كثير يظهر بالتدبر. وأما قول المعترض أن النصارى يقولون: أن المسيح ابن الله نعم قاله طائفة، وطائفة قالوا: هو الله والطائفة الثالثة قالوا هو ثالث ثلاثة، وبهذه الطرق الثلاثة عبدوا المسيح ﵇ فأنكر الله عليهم تلك الأقوال في المسيح، وأنكر عليهم ما فعلوه من الشرك كما قال تعالى: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾

1 / 186