الله. وصلى وصام. وزعم أنه مسلم. بل هو من الأخسرين أعمالًا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا.
ومن تأمل القرآن العزيز وجده مصرحًا بأن المشركين الذين قاتلهم رسول الله ﷺ مقرون بأن الله هو الخالق الرازق وأن السموات السبع ومن فيهن والأرضين السبع ومن فيهن كلهم عبيده وتحت قهره وتصريفه كما حكاه تعالى عنهم في سورة يونس وسورة المؤمنين والعنكبوت وغيرها من السور -ووجده مصرحًا بأن المشركين يدعون الصالحين كما ذكر تعالى ذلك عنهم في سورة سبحان والمائدة وغيرهما من السور، وكذلك ذكر عنهم أنهم يعبدون الملائكة كما ذكر ذلك في سورة الفرقان والنجم ووجده مصرحًا بأن المشركين ما أرادوا ممن عبدوا إلا الشفاعة والتقرب إلى الله كما ذكر تعالى ذلك عنهم في سورة يونس والزمر وغيرهما من السور.
فإذا تبين لكم أن القرآن قد صرح بهذه المسائل الثلاث أعني اعتراف المشركين بتوحيد الربوبية، وأنهم يدعون الصالحين وأنهم ما أردوا منهم إلا الشفاعة تبين لكم أن الذي يفعل عند القبور اليوم من سؤالهم جلب الفوائد، وكشف الشدائد، أنه الشرك الأكبر الذي كفر الله به المشركين، فإن هؤلاء المشركين مشبهون شبهوا الخالق تعالى بالمخلوق.
وفي القرآن العزيز وكلام أهل العلم من الرد على هؤلاء مالا يتسع له هذا الموضع فإن الوسائط التي بين الملوك وبين الناس تكون على أحد وجوه ثلاثة إما لإخبارهم عن أحوال الناس مالا يعرفونه ومن قال أن الله لا يعرف أحوال العباد حتى يخبره بذلك بعض الأنبياء أو غيرهم من الأولياء والصالحين فهو كافر بل هو سبحانه يعلم السر وأخفى لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.
(الثاني) أن يكون الملك عاجزًا عن تدبير رعيته ودفع أعدائه إلا بأعوان يعاونونه فلا بد له من أعوان يعاونونه وأنصار لذله وعجزه. والله سبحانه ليس له ظهير ولا ولي من الذل وكل ما في الوجود من الأسباب فهو سبحانه ربه وخالقه وهو الغني عن كل ما سواه وكل ما سواه فقير إليه، بخلاف الملوك المحتاجين إلى ظهرائهم وهم في الحقيقة شركاؤهم، والله سبحانه ليس له شريك في الملك، بل لا إله إلا هو وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، ولهذا لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه لا ملك مقرب ولا نبي مرسل، فضلًا عن غيرهما، فإن من شفع عنده بغير إذنه فهو شريك له في حصول المطلوب أثر فيه بشفاعته حتى يفعل ما يطلب منه، والله تعالى لا شريك له بوجه من الوجوه.
(الثالث) أن لا يكون الملك مريدًا لنفع رعيته والإحسان إليهم إلا بمحرك يحركه من خارج فإذا خاطب الملك من ينصحه ويعظه أو من يدل عليه بحيث يكون يرجوه ويخافه تحركت إرادة الملك وهمته في قضاء حوائج رعيته.
والله تعالى رب كل شيء ومليكه وهو أرحم بعباده من الوالدة بولدها وكل الأسباب
1 / 19