وتصديق ذلك أن الله تعالى قال: ?وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة?[آل عمران: 161]، أفيأتي بالغل يوم القيامة، فيلقيه في النار، ويدخل الجنة؟ فما أرى إذا الغل الذي جاء به - يحمله يوم القيامة - ضره شيئا إن كان كما يقولون: ((إذا قال: لا إله إلا الله دخل الجنة)). أليس القول حقيقة من العمل.
وقال الله تعالى: ?إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه?[فاطر:10]. فأصل القول العمل.
وقال الله تعالى: لمحمد صلى الله عليه وآله سلم: ?ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما?[النساء: 107]. إنما أنزلت هذه الآية في أهل القبلة الذين خاصموا عن الرجل الذي خان الدرع من اليهودي، وهو الذي أنزلت فيه: ?إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء?[النساء: 48] ولو مات خائنا قبل أن يشرك بالله شيئا أدخله الله تعالى النار، إن الله تعالى لا يدخل الجنة إلا من يحب.
وموجبات العذاب نزلن بعد الآيات التي نزلت في (سورة بني إسرائيل) التي ذكر فيهن: القتل والعهد والزناء وأكل مال اليتيم، وأشباه ذلك من الكبائر التي لم يكن الله وعد عليها النار، حتى بلغ: ?ولا تجعل مع الله إلها آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا?[الإسراء: 39]، فأوجب تعالى لمن عمل بهؤلاء الآيات النار، الذين لم يكن أوجب عليهم النار في سورة بني إسرائيل بمكة.
पृष्ठ 18