وموضع الغلط من هذه القسمة في أولها، وهو قولهم: لا يخلو: إما أن يكون مريدا لذاته أو لغيره، ثم وقفوا على هذين القسمين المستحيلين، وأسقطوا القسم الثالث الذي هو صحيح، وهو كونه سبحانه مريدا لا لذاته ولا لغيره؛ لأجل كونه مريدا لا بإرادة.
وأما قولهم: إنه سبحانه خلق الإرادة، ولم يردها.
فالذي يدل على بطلانه: هو ما يعلمه كل عاقل من أن الفاعل لما لا يريد لا يخلو: من أن يكون زائل العقل، أو ساهيا، أو ملجأ - تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا -.
فإن زعموا أن الدليل أداهم إلى تجويز ذلك فيه سبحانه خاصة؛ فالجواب: أنه إذا لم يجز أن يؤدي الدليل إلى إثباته في المخلوق، فبأن لا يؤدي إلى إثباته في الباري سبحانه أولى.
وأما قولهم: إنها عرض موجود لا في محل.
فالذي يدل على بطلانه: إجماعهم مع الأئمة - عليهم السلام - على أنه يستحيل في الشاهد وجود عرض لا في محل، ومن المعلوم بالدليل الصحيح أنه لم يستحيل [في الشاهد] إلا لأجل كونه عرضا، ولا مخصص في ذلك لعرض دون ما عداه.
وأما قولهم: إنه مختص به سبحانه لأجل وجوده لا في محل؛ فوجوده لا في محل مستحيل مع أن جملة العالم موجود لا في محل، وليس بمختص به سبحانه، ومع أنه لو جاز [وجود] عرض لا في محل وجاز أن يختص به الموجود لا في محل لكان العالم الموجود لا في محل أولى بالاختصاص بذلك العرض من الباري سبحانه وتعالى عما يصفون.
पृष्ठ 73