[ تقديم ]
فإن المسائل التي أوردها السائل، وسأل أن يكون الجواب عن مسائله ما ورد عن الأئمة في مصنفاتهم دون السير النبوية، والأعمال الصحابية، فحملنا أيده الله ما لا طاقة لنا به، ولم يأت البيت من بابه، لأن السير النبوية، والأعمال الصحابية هي الأصول في الفتاوى الشرعية، والأعمال الدينية، فحال هذا المسترشد في سؤاله كحال من يقول للدليل: أو صلني إلى بلد كذا وكذا، ولا تسلك بي طريقه، وهل صنف الأئمة عليهم السلام إلا ما بنوه على كتاب الله تعالى أو سنة رسول الله، وأعمال السلف رضوان الله عليهم مجتمعين؛ فيكون أصلا لاحقا بالأصول، أو مفترقين، فيكون مذهبا ودينا يفتقر إلى الترجيح والتعليل.
وأما ما حكاه عن الأئمة فلا بد من الكلام عليه، ولم يقع في كلامهم الذي ذكره أن من أظهر شيئا من الكفر ودان به وتغلب عليه بحيث لا يقدر أحد من المسلمين على منعه، بل يمنع في أغلب الأحوال من إظهار خلافه، كان حكمه حكم المسلمين، وحكم دارهم حكم دار الإسلام فيكون حجة للسائل. ونحن نذكر ما ذكره شيئا شيئا، ونتكلم عليه إن شاء الله تعالى بما تهيأ مع ضيق المجال لتراكم الأشغال، فمتى انفصل ذلك بينا وجه الدلالة على ما فصلناه وذكرناه، والذي ذكرناه هو علم إن لم يوجد فيما مضى من علوم الأئمة عليهم السلام ألحق بها، وحمد الله أهل [هذا] المذهب على ما من الله به عليهم واختصهم من كون الهداة الطيبين فيهم، وسعت علومهم، وتواتر ذلك [كذلك] بحيث يتعذر انقطاعه مع بقاء التكليف، وأكثر علوم الأئمة عليهم السلام وتصانيفهم كانت في أعصار وأمصار يعلم من يعلم صورة تلك الحال أنه لا يمكن لهم من إظهار كثير من أحكامهم عليهم السلام في أهل تلك الأمصار وتلك الأعصار، لأن علوم محمد بن عبد الله عليه السلام في أيام بني أمية ألحق الله بهم أمثالهم في الضلالة في الدمار والنكال.
पृष्ठ 70