[ إباحة الإمام للمطرفية ]
وكل دار أظهر فيها إنسان كلمة من الكفر، أو كلام لا يفتقر في إظهاره إلى ذمة ولا جوار من أحد من المسلمين فهي دار كفر، ومذهب هذه الفرقة الملعونة يظهروه في عوشات كفرها، ومكامن كيدها التي سموها هجرا، ولا يفتقر إلى ذمة ولا جوار، وإن كانت في ذمة أو جوار ممن يزعم إصابتها، ويعتقد صلاحها فهو كافر بذلك لكفرها، وممالأته، فكل جهاتهم دار حرب يحل فيها قتل مقاتليهم، وسبي ذراريهم ونسائهم، وغزوهم كما تغزى ديار الحرب ليلا أو نهارا، وأخذهم سرا وجهارا، والقعود لهم كل مرصد؛ وقد أبحناهم لمن اعتقد إمامتنا من المسلمين غيلة ومجاهرة، وغيبا وظاهرة، ومن جاءنا بأحد من ذراريهم اشتريناه بثمن مثله، وأجزنا أخذه بما يرضاه كما يفعل أئمة المسلمين بمن غزا ديار المشركين، ويجهز على جريحهم، ويقتل مدبرهم ومقبلهم، ويمثل بقتلاهم خلاف ما يفعل في الحربيين أصلا؛ فإنه لا يمثل بهم، وقد نهانا رسول الله عن المثلة نحن نرويه في أخبار كثيرة إلا في المرتدين، فالردة كفر وتمرد، فلما جمعت النوعين غلظ فيها الحكم، ولهذا فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قطع أيدي العرنيين الذين ارتدوا عن الإسلام، وأخذوا إبل الصدقة، وقتلوا رعاتها، فلما ردهم علي بن أبي طالب عليه السلام أسارى قطع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أيديهم وأرجلهم، وسمل أعينهم بالنار، وأمر بهم فرمي بهم في الحرة حتى ماتوا.
وكذلك حرق علي عليه السلام زنادقة السواد وهم مظهرون الإسلام وقال:
لما رأيت الأمر أمرا منكرا أضرمت ناري ودعوت قنبرا
وحرقهم بالنار حتى صاروا رمادا وهو سلام الله عليه الحليم الوقور.
روينا فيه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((من أحب أن ينظر إلى نوح في حلمه، وإلى موسى في بطشه فلينظر إلى علي بن أبي طالب)) فلم يمنعه حلمه من تنكيل المتمردين على الله - عز وجل - المخالفين في الدين بعد إظهار التمسك به.
पृष्ठ 65