मज्मूअ
مجموع كتب ورسائل الإمام الحسين بن القاسم العياني
शैलियों
ودليل آخر وهو أن صنع الحكيم العالم بين، ومحال أن يكون في العلل إبانة صنع، وذلك أن الحكمة لا تكون إلا من حكيم، ولا بيان عليم إلا من عليم، وهو الله الرحمن الرحيم، لأنا نظرنا الإنسان إنسانا كاملا بعد أن كان نطفة من ماء مهين، فعلمنا أن (1) لا بد له من مكمل أكمله، ونظرنا إليه حيا بعد أن كان ميتا، سميعا بصيرا بعد أن لم يكن سميعا ولا بصيرا، فبان صنع العالم الحكيم، إذ جعل سبحانه له (2) سمعا يدرك به الأصوات، وبصرا يدرك الهيئات، وشما يدرك به جميع الروائح الخبائث (3) والطيبات، وذوقا يدرك به ما ذاق (4) من الطعوم المختلفات، ولمسا بالجسد كله يدرك به الحر والبرد والخشن واللين وغيرها من أحوال (5) المجسمات، فكل هذه الحواس المختلفة تدل على حكمة صانعها إذ خالف بينها، فجعل كل حاسة تصلح لخلاف ما تصلح له الآخرى.
ودليل آخر
لا تخلو هذه المختلفات من أحد وجهين:
إما أن تكون خالفت بين أنفسها.
وإما أن تكون خالف بينها مدبرها!!
فإن كانت خالفت بين أنفسها فهذا محال، لأنها لم تكن واعية عند كونها، ولا عالمة في حال عدمها، فلما استحال هذا الوجه صح الثاني وهو أن لها مدبرا خالف بينها، إذ الفاعل الحكيم بين صنعه في إحداثها، وجعل كل (6) واحدة من هذه المختلفات لشيء بعينه، ولا يجعل الشيء للشيء إلا حكيم، ولا يجعل الشيء للضرورات إلا عليم.
पृष्ठ 167