मज्मूअ
مجموع كتب ورسائل الإمام الحسين بن القاسم العياني
शैलियों
فذكر في الجواب: أن الرؤيا من الله وحده، لأن الرؤيا إنما تكون عند خروج الأنفس مع الأرواح، وخروج الأنفس من القلوب، فلا يتم إلا لعلام الغيوب، والروح فهو: خلق لطيف، حجب الله فهمه، ولا سبيل إلى علم ما أخفى الله علمه، وإلا فأين من يفهم كيفية خروجه؟! ورجوعه في البدن وولوجه ؟!! وكيف خرجت الأنفس والعقول معه من الأجساد؟! وأين مخرجه من أجساد العباد؟! وكيف لا يعقل الروح نفسه عند هجوم المنام؟! وكيف يرجى ويترك في جميع الأنام؟! حتى لا يعقل في أكثر الليالي والأيام، وما جعل الله سبحانه من حياة الأرواح وكمالها، وتوصيل جوارحها واعتدالها، فلا يتم إلا بلطف مدبرها وجاعلها، ومفتطرها وفاعلها، لما فيها من صنعه وتدبيره، وبيان حكمته وتصويره.
وأما الرؤيا التي يراها المخلوقون،ويفهمها المؤمنون والكافرون، فهي إخبار من الله، وكرامة للصالحين، وحجة على الظلمة الفاسقين، لأن إعلامه لهم بالحوادث قبل كونها، دليل على علم المخبر بها، ولأولياء الله وأصفيائه، من عجائب الرؤيا ما ليس لأعدائه، وذلك خاصة منه لهم، وإجابة لدعواتهم عند سؤالهم، وأما غير ذلك من رؤيا السرور، ومكاره ما يرى النائم من الأمور، فمنه ما يحتمل التأويل، ومنه ما هو كائن على ما يراه النائم في المنام، وذلك بإعلام الله ذي الجلال والإكرام، ولا يصح الخبر بالشيء في حال عدم، إلا من عالم أحاط به قبل كونه، لأنه لو كان جاهلا به، لما علمه قبل حدوثه، وفي هذا دلالة على الله رب العالمين، وحكمة تفضل بها على المخلوقين.
وأما ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله الطاهرين من قوله: ((إن الحلم من الشيطان)). فإنما أراد بذلك: أن الله سبحانه أطلع العباد في المنام على أفعال الشياطين ليجتنبوها، وليتعوذوا بالله منها ولا يقربوها، لأنها لا تضر من أخلص التوبة إليه من أفعالهم، واستعاذ به من سوء أعمالهم.
- - -
पृष्ठ 252