وللإمام رضوان الله عليه تحقيق في هذا المقام يستشفى به من الأوام أورده في جواباته على علماء ضحيان وفي أثناء الدعوة المسماة: بالموعظة الحسنة. نعم والتحقيق أن العلم هو المطلوب في الأصول والفروع كما دلت عليه أدلة المعقول والمسموع، وقد خصصت بعدم طلب العلم في بعض المسائل العملية التي لم يقم عليها قاطع لما علم أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان يبعث بالآحاد في تبليغها وعمل الصحابة بها مستندين إليها وفيهم هادي الأمة ووليها والقائم بما قام به نبيها باب مدينة العلم من هو مع الحق والقرآن والحق والقرآن معه، فخصص بتلك العمليات نحو قوله تعالى: ((ولا تقف ما ليس لك به علم)) وأما تأويل العلم والظن وحملهما على خلاف حقيقتهما لغير دليل، فإنه بلا ريب تحريف وتبديل والعقل يرده، والاتفاق بيننا وبينهم في العلميات يحجه.
هذا ومن أعطى النظرحقه ولم يملك التعصب والتقليد رقه، فلايتحقق لديه أن الشارع جعل الظن مناطا لشيء من الأحكام ولامعتمدا في حل ولاإبرام، والأصل بقاؤه على عمومه ((إن الظن لا يغني من الحق شيئا)) إذ لاموجب للإخراج وليس التعبد بالآحاد ونحوها يوجب الاعتماد عليه وإن كان الظن ملازما لها في الأغلب، بل قام الدليل القاطع على العمل بها في العمليات سواء حصل الظن أم لا، ألا ترى أنه لايقبل خبر فاسق التصريح وكافره إجماعا ولا التأويل على الحق من كون عدم العدالة سلب أهلية وإن أفاد الظن، ويجب قبول خبر العدل الضابط وإن لم يحصل الظن وإن كان بعيدا والمقصود تصوير الانفكاك، وإلا فلو كان بينهما تلازم ذاتي لم يوجب أن التعويل على الظن بل على ذلك المظنون، وبينهما فرق يعرفه العالمون.
وانظر بثاقب نظرك وصافي فكرك هل سمعت كتاب الله ذكر الظن إلا بالنعي على أهله والذم، وهل طلب غير اليقين والعلم ((إن في ذلك لآية لقوم يعلمون)).
पृष्ठ 7