والحجة على هذا الأصل الكبير والأساس الخطير من المعقول والمنقول، أما المعقول فإنه يقبح الوثوق بالظن ولايحسن العمل عليه إلا في جزئيات يسيره ليس الاعتماد عليها في شيء من الخطر كترك الطعام المخبر بكونه مسموما ونحو ذلك مما يكتفى فيه بأدنى أمارة بل لو لم يفد الخبر الظن لحسن تركه لعظم الضرر المقدر.
وأما المنقول فإن الله عز سلطانه وتعالى عن كل شأن شأنه يقول: ((ولا تقف ما ليس لك به علم)) [الإسراء:36] ((إن الظن لا يغني من الحق شيئا)) [يونس:36] ((وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون)) [البقره:169] والتأويل للعلم والظن بإخراجهما عن حقيقتهما تحريف وتبديل وخلاف ماقام عليه الدليل، ((ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير (8) ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله)) [الحج:8]، وأيضا فمن المعلوم ضرورة اختلاف الظنون فيلزم الإتباع لها قطعا للاختلاف والتفرق الذي نهى عنه رب العالمين قال جل جلاله: ((وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله)) [الأنعام:153]، ((ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم)) [آل عمران:105]، ومنها أن لله تعالى على عباد حججا لازمة وبينات قائمة.
أولها: العقل ولولاه لما عرف التوحيد ولا النبوة ولا العدل.
पृष्ठ 51