391

الجمع بن الصلاتين

والجواب عن السؤال الخامس وهو في موضوع الجمع بين الصلاتين المسألة تحتاج إلى بحث طويل، والحال لايحتمل التطويل وسألخص المقصود بإعانة الله تعالى وتسديده فأقول وبالله تعالى التوفيق: إن الآيات القرآنية في الأوقات مجملات كقوله عز وجل: ((إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا)) [النساء:10]، ومعنى موقوت: هو محدود، فلم تبين الآية الأوقات المحدودة، وكذا قوله تعالى: ((أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل)) [الإسراء:78]، وهي كذلك لم يتضح فيها بيان الصلاة التي تقام في هذه الأوقات، وقد بينها خبر جبريل عليه السلام فإنه حدد وقت كل صلاة وقال: مابين هذين الوقتين وقت. أي مابين وقت كل صلاة أول يوم وثاني يوم لأنه جعل لكل صلاة وقتين إلا المغرب فإنه صلاها اول يوم وثاني يوم في وقت واحد، ولكن قد بين أن وقتها يمتد إلى دخول العشاء بجعل أول العشاء عند ذهاب الشفق وتأخير صلاتها في السفر، والمعلوم أن من دخول المغرب إلى أول العشاء وقت للمغرب، فظاهر خبر جبريل عليه السلام يدل على وجوب التوقيت لكل صلاة وعدم جواز الجمع بين الصلاتين، لكنه قد صح برواية أهل البيت وغيرهم أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم جمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في المدينة المطهرة لغير سفر ولامطر ولاعلة لئلا يحرج أمته إن جمع رجل كذا وردت الأخبار، فدل على جواز الجمع فخبر جبريل عليه السلام محمول على أن تلك الأوقات للفضيلة، وكذلك ملازمته صلى الله عليه وآله وسلم لتلك الأوقات تدل على أنها أفضل، وقد أجاب من أوجب التوقيت عن ذلك بأنه لم يبين في الخبر أنه جمع تقديما أو تأخيرا، وبأنه يحتمل أن يكون أخر الأولى _أي الظهر_ في جمع الظهر والعصر والمغرب في جمع المغرب والعشاء إلى آخر وقتها، وقدم الأخرى _وهي العصر_ في الأول والعشاء في الآخر في أول وقتها وهو المسمى بالجمع الصوري، وقد ذكر بعض الرواة وهو أبو الشعثاء أنه يظنه كذلك.

पृष्ठ 378