قالت الطبيعة ذلك ثم نادت ... يا موت، فانطلق من يسارها شبح بغيض شملتنا رؤيته بقشعريرة باردة، وامتلأت الحياة ذعرا وهي تصارع ذلك الشبح ويصارعها، وما استطال هذا الصراع حتى غشيتنا الغاشية مدة لا ندري ما مقدارها، ثم صاحت بنا الطبيعة فانتبهنا، فإذا نحن خلق آخر، وإذا الحياة أمامنا أبهى مما كانت وأعدل قواما، وأحب منظرا، وأذكى عرفا، وأنبل طلعة، ثم قالت الطبيعة تخاطبنا: أما وقد شاهدتم أيها الملأ كيف أن الموت ينقلكم من طور إلى طور أكمل، ومن هيئة إلى هيئة أجمل، فاعلموا - كملكم الله - أن الكمال غايتكم في الحياة وليس البقاء، فلا تخافوا الموت بل خافوا النقص؛ فهو أعدى لكم من الموت ... ولا تسمعوا صوت الحياة بل اسمعوا صوت الطبيعة؛ فهي أبر بكم من الحياة.
فما كادت تلفظ الكلمة الأخيرة حتى وثب الأسد على الثور، وقبض النمر على الأيل، وعدا الثعلب وراء الأرنب، ووجأ الذئب عنق الشاة، والتهم الهر الفأر، وجذب الإنسان سلاحه يضرب ذات اليمين وذات الشمال ... والقدر يضحك والحياة تصرخ، وكلهم ذاهبون على رءوسهم يصيحون: اسمعوا صوت الطبيعة! اسمعوا صوت الطبيعة!
अज्ञात पृष्ठ