السعادة والراحة والغنى إلى أن قال وكيف يعلم الشعوب دروس الآداب العالية والعلم الصحيح الخ)، تقرأ ذلك ثم تقرأ الكتاب فترى من جملته (أما محال التمثيل فإنها مرتقية أكثر من أوربا وأرخص أجورًا حتى أنك لترى في بعض الملاعب مائة فتاة يرقصن معًا وأجور الفرجة رخيصة للغاية) فأنظر يا رعاك الله إلى أي درجة وصلنا من الانحطاط في الأخلاق حتى صار من يدعي في عرف المجلات عالمًا ألمعيًا يرى أن رقص مائة فتاة بأجور رخيصة من دروس الآداب العالية والعلم الصحيح. اللهم أن هذا نهاية الخذلان.
نام علماء الدين عن وظيفة الإرشاد فقام من ليس في العير ولا في النفير يدعون مقام المرشدين. ووظيفة المصلحين يسيطرون على الأمة في دينها وأخلاقها، وان كانوا خلوًا من كل فضيلة. يقولون نحن قادة الأمم إلى خيرها نحن منقذوها من ظلمة الهمجية إلى نور التمدن نحن نحن. . ووجدانهم يكذبهم و(الحقائق) تتبرأ منهم والله من ورائهم محيط.
رأوا أن بضاعتهم من العلم مزجاة فتلمسوا طريقة لأن يروق سعيهم في نظر العامة فلم يجدوا سوى تقيص العلماء واحتقارهم ليوهموا السذج أنهم كما يدعون وفوق ما يصفون. هذه مقدمة خطتهم في وضعهم أنفسهم أمام العامة موضع المصلحين. ثم يعمدون إلى إرضائهم بأن يدخلوا في الدين ما تميل إليه نفوسهم وترغبه شهواتهم، فيجعلوا من الحرام ما يهذب الأخلاق، ومن الرذائل ما يرفع إلى أوج الحضارة، والنفوس (إلا من هذبه العلم) مجبولة على حب الإطلاق ومن دعا إليه وأن كان فيه شرها وتدهورها إلى حضيض الذل والهوان.
اللهم أكثر في هذه الأمة دعاة الخير والإصلاح الحقيقي ولا نحتاج إلى الدعاء على دعاة الشر بالانقراض فإنهم متى آنسوا أن صاحب البيت طلبه قوضوا خيامهم ورضوا من الغنيمة بالأياب ومن أين للظلام أن يثبت مع الشمس أو للجهل أن يقاوم العلم أو للتمويه أن يصادم الصدق وإنما يظهر الباطل في غفلة الحق عنه والحق أبلج والباطل لجلج وقل جاء الحق وزهق الباطل أن الباطل كان زهوقًا.
1 / 16