قيل: كان تصنيفه لهذا الكتاب بمكة المشرفة، والغسل بماء زمزم، والصلاة خلف المقام.
وقيل: كان بالمدينة الشريفة، وترجم أبوابه في الروضة المباركة، وصلى لكل ترجمة ركعتين (١) .
وله تصانيف كثيرة غير الصحيح نقل عنه ﵁ أنه قال: «أقمت بالبصرة خمس سنين مع كتبي، أصنف وأحج في كل سنة، وأرجع من مكة إلى البصرة، قال: وأنا أرجو أن الله يبارك للمسلمين في هذه المصنفات» ولقد بارك الله فيها.
زهده وورعه وفضله
وأما سيرته ومناقبه وشمائله وفضائله وزهده وروعة فكثيرة كلَّت الكتَّاب عن حصرها.
قيل: إنه كان عنده شيء من شعرات النبي ﷺ فجعله في ملبوسه.
ومن فضائله: أنه قال على سبيل التحدث بالنعمة: «إني لأرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحد من هذه الأمة» (٢) .
اسمع واتعظ يا من يغتاب الناس ويمزق أعراضهم: «أوحى الله إلى موسى ﵇ من مات تائبًا من الغيبة، فهو آخر من يدخل الجنة، ومن مات مصرًا عليها فهو أول من يدخل النار» .
وجاء في الحديث: «من كف لسانه عن أعراض الناس قال الله عثرته يوم القيامة» (٣) .
وحكي عن داود الطائي ﵁ أنه مر يومًا بموضع فوقع مغشيًا عليه فحل إلى
_________
(١) رواه الخطيب في تاريخ بغداد (٢/٩) من طريق عبد القدوس بن همام يقول: سمعت عدة من المشايخ يقولون: حول محمد بن إسماعيل البخاري تراجم جامعه بين قبر النبي ﷺ ومنبره، وكان يصلي لكل ترجمة ركعتين.
(٢) رواه عنه المزي في تهذيب الكمال (٢٤/٤٤٦)، والحافظ ابن حجر من طريقه في تغليق التعليق (٥/٣٩٧)، ونقله الذهبي في السير (١٢/٤٣٩) . وانظر: مقدمة فتح الباري (ص٤٨٠)، وصفة الصفوة (٤/١٧١) .
(٣) أخرجه القضاعي في مسند الشهاب (١/٢٧٩، رقم ٤٥٤) عن أبي هريرة مرفوعًا: بطرف: «من أقال نادمًا أقاله الله تعالى عثرته يوم القيامة ومن كف ... فذكره» .
1 / 51