============================================================
المبحث الأول / العقيدة الإسلامية بين التنزيه والتجسيم أما المعتزلة، فقد نص علماؤهم ونظارهم على هذه العقيدة التنزيهية في كتبهم العقدية والأصولية، وهذا قول جهبذ منهم وهو القاضي عبد الجبار المعتزلي الشافعي (ت/415ه)(1)، قال في كتابه "الأصول الخمسة" مانصه: "وتعلم أنه لايشبه الأجسام، ولا يجوز عليه ما يجوز عليها من الصعود والهبوط والتنقل والتغير والتركيب والتصوير والجارحة والأعضاء. وتعلم أنه لايثبه الأعراض التي هي الحركات والسكون والألوان والطعوم والروائح"(2).
وقال: "فإن قيل: فما الدليل على أنه تعالى ليس بجشم؟ قيل له: لأنه تعالى لو كان جشما لوجب أن يكون محدثا، لأن الجسم لا يخلو من الحوادث، ولكان لا يصح أن يفعل الجسم كما لا يصح منا أن نفعل الأجسام"(3).
ونقل القاضي عبد الجبار المعتزلي الشافعيي إجماع المعتزلة على ما قرره من تنزيه الله تعالى عن الجسمية ولوازمها، حيث قال: "أجمعت المعتزلة على أن للعالم محدثا قديما قادرا عالما حيا لا لمعان، ليس بجسم ولا عرض ولا جوهر، عينا واحدا(2)، لا يذرك بحاسة، عدلا حكيما، لا يفعل القبيح.."(5).
وقد نقل إجماع المعتزلة على تلك العقيدة التنزيهية أيضا الإمام أبو الحسن الأشعري (ت/324ه) في كتابه "مقالات الإسلاميين"، فقال: "أجمعت المعتزلة: على أن الله (1) هو عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار بن أخمد بن الخليل بن عبد الله، القاضي، أبو الحسن، الهمذاني الأسدأباذي، وهو الذي تلقبه المعتزلة قاضي القضاة ولا يطلقون هذا اللقب على سواه ولا يعنون به عند الإطلاق غيره. كان إمام أهل الاعتزال في زمانه وكان ينتحل مذهب الشافعي في الفروع، وله التصانيف السائرة والذكر الشائع بين الأصولئين. عمر دهرا طويلا حتى ظهر له الأضحاب، وبعدصيته، ورحلت إليه الطلاب وولي قضاء الري وأعمالها. وتوفي فيها وذفن في داره انظر: تاج الدين السبكي، طبقات الشافعية الكبرى (5/ 97).
(2) القاضي عبد الجبار، الأصول الخمسة (ص/ 71).
(3) المصدر السابق، (ص/74).
(4) أي: ذاتا واحدا.
(5) القاضي عبد الجبار، المنية والأمل (ص/13).
पृष्ठ 34