============================================================
المطلب الأول ل تنزيه الله عن الجسمية ولوازمها وهو فوق العرش والسماء وفوق كل شيء إلى تخوم الترى، فوقية لا تزيده قربا إلى العرش والسماء كما لا تزيده بعدا عن الأرض والثرى، بل هو رفيع الدرجات عن العرش والسماء كما أنه رفيع الدرجات عن الأرض والثرى؛ وهو مع ذلك قريب من كل مؤجود، وهو أقرب إلى العبد من حبل الوريد وهو على كل شيء شهيد، إذ لا يمائل قربه قرب الأجسام كما لا تمائل ذاته ذات الأجسام.
وأنه لا يحل في شيء ولا يحل فيه شيء، تعالى عن أن يخويه مكان كما تقدس عن أن يحده زمان، بل كان قبل أن خلق الزمان والمكان وهو الآن على ما عليه كان.
وأنه بائن عن خلقه بصفاته (1)، ليس في ذاته سواه ولا في سواه ذاته.
و وأنه مقدس عن التغير والانتقال، لا تحله الحوادث ولا تعتريه العوارض، بل لا يزال في نعوت جلاله منزها عن الزوال وفي صفات كماله مستغنيا عن زيادة الاشتكمال"(2).
والجامع لهذا كله، الأدلة القطعية من النقل والعقل الدالة على هذا الإجماع على ما سنبينه بعون الله تعالى وتوفيقه..
وقد نقل كثير من العلماء في القديم والحديث إجماع أهل السنة والجماعة على ذلك وهذه نقول بعضهم: 1- قال الإمام ابن حزم الأندلسي الظاهري (ت/456 ه) في كتابه "الفصل في الملل والأهواء والنحل" عند القؤل في المكان والاستواء: "فأما القول الثالث في المكان، فهو و أن الله تعالى لا في مكان ولا في زمان أصلا، وهو قول الجمهور من أهل السنة وبه نقول ، وهو الذي لا يجوز غيره لبطلان كل ما عداه، ولقوله تعالسى: الآانه بكل شى وتحيط) و [فصلت/54]. فهذا يوجب ضرورة أنه تعالى لا في مكان إذ لو كان في المكان لكان () معنى (بائن عن خلقه) عند طوائف المنزهة: أي غير مشابه لهم، أما عند المجسمة فمعناه: منفصل عنهم فوق العرش بذاته.
(2) الغزالي، إحياء علوم الدين (108/1).
पृष्ठ 31