138

मजलिस

مجالس في تفسير قوله تعالى: {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم}

शैलियों

ومتعلق الشكر وما به: أعم مما به الحمد، فالحمد يطلق على القول، لأن الله سبحانه وتعالى يحمد بالقلب واللسان، والشكر يطلق على القول والفعل جميعا، لأن شكر الله تعالى يتعلق بالقلب واللسان وبقية الجوارح، فالقلب لمعرفة الله ومحبته وتوحيده، واللسان للثناء عليه وحمده وتمجيده، والجوارح في استعمالها بطاعة الله وكفها عن معاصيه. وأنشد بعضهم:

أفادتكم النعماء عندي ثلاثة ... يدي، ولساني، والضمير المحجبا

ولو قال:

أفادتني النعماء شكرا لفضلكم ... بقلبي ونطقي والجوارح مرسلا

وتوفيقكم للشكر يلزم شكره ... كذا كل شكر بعده متسلسلا

وما ثم إلا العجز عن شكر ربنا ... كما ينبغي سبحانه متفضلا

كان أجود في الكلام، وأمجد لله الملك العلام.

فالشكر من وجه متعلقه أعم. والشكر -كما قدمناه- واجب بحسب الشرع، حسبما قام الدليل عليه نقلا وعقلا.

فمن المنقول: قول الله عز وجل: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا}. نفى الله تعالى التعذيب مطلقا إلى بعثة الرسول، فلو كان الشكر واجبا بحسب العقل لعذب الله تاركه قبل الشرع، لكنه بمقتضى الآية الشريفة لا يعذبه الله حتى تقام عليه الحجة ببعثة الرسول. والله أعلم.

وأما الدليل على ذلك عقلا: فلأن شكر المنعم لو وجب عقلا، فلا يخلو إما أن يكون لغير فائدة، أو لا. وعلى الأول: يلزم العبث، وهو غير جائز عقلا.

وإما أن يكون لفائدة: إما للمشكور -وهو باطل قطعا- لتعالي الله سبحانه عنها.

وأما للشاكر: وعلى هذا: فلا يخلو: إما أن تكون الفائدة في الدنيا، فذلك مشقة بلا حظ، أو في الآخرة: فلا استقلال للعقل في الآخرة. والله أعلم.

पृष्ठ 180