بسم الله الرحمن الرحيم
(1) مجلس [في تحديد مكان الوقف في قوله تعالى: لايعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم]
قال أحمد بن موسى الطبري رحمة الله عليه: جرى بيني وبين رجل من أهل صنعاء كلام، وهو: رجل مقرئ يقال له: (ميمون)، فقلت له: ما تقول يا ميمون، قال الله عز وجل: {لا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم}؟
فقال: يا أبا الحسين، ليست هكذا القراءة، إنما قال: {ما يعلم تأويله إلا الله} [آل عمران: 7] هاهنا الوقف.
قال: فغفلت عنه حتى نسي الكلام ساعة، ثم قلت له: يا ميمون، ما معنى قول الله عز وجل: {واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها} [يوسف: 82] قال: ليس القرية تسأل لإنها جماد، وكذلك العير لا تتكلم، وإنما يتكلم أهلها.
قال: فقلت له: يا ميمون، هذا من التنزيل أو من التأويل؟
فقال: بل هو من التأويل.
قلت له: أليس قلت لي آنفا: إن الوقف: {ما يعلم تأويله إلا الله} فمتى نزل عليك هذا التأويل؟
قال: فتحير وبرم، وضحك قوم كانوا بالحضرة.
فقال: ثم إني قلت له: في كلامنا بقية يا ميمون، قوله عز وجل: {والراسخون في العلم يقولون آمنا به} [آل عمران: 7] إن كانوا آمنوا بما جهلوا فليس معهم إيمان، وإن كانوا آمنوا بما علموا فإيمانهم صحيح.
पृष्ठ 4
(2)مجلس [في معنى الهدى والضلال]
قال: وجرى بيني وبين رجل من كبراء أهل صنعاء كلام، فقلت له: ما تقول، على كم الهدى من وجه عندكم؟
فقال لي: يا أبا الحسين، الهدى على وجه واحد، والضلال على وجه واحد.
قلت: فبين لي/3 / كيف؟
قال: نحن نقول: من هداه الله تعالى فليس له إلى الضلال سبيل، ومن أضله فليس له إلى الهدى سبيل.
قال: قلت: وهذا قولكم.
قال: نعم.
قال: قلت له: فأخبرني عن أبينا آدم عليه السلام، أهو عندك ممن هداه الله؟
قال: نعم.
قلت: فقال الله تعالى بقراءة الخاص والعام : {وعصى آدم ربه فغوى} [طه: 121] كيف غوى؟ وقد هداه الله تعالى؟!
قال: فتحير ثم انقطع .
पृष्ठ 5
(3)مجلس [في الهدى والضلال]
قال: وجرى بيني وبين إبراهيم الحداقي وكان من فقهاء أهل صنعاء كلام، فقلت له: يا إبراهيم، بيني وبينك خلاف في حرف من كتاب الله عز وجل.
قال: يا أبا الحسين، وما هو؟
قلت: قول الله تعالى: {الركتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم} [إبراهيم: 1].
قال: وكيف ذلك؟
قلت: لإنك تقول: إن الله أخرج قوما من الظلمات إلى النور، وأدخل قوما في الظلمات وأخرجهم من النور.
قال: لست أقول هكذا.
قلت: أليس أنت تقول: {يضل من يشاء ويهدي من يشاء} [النحل: 93] [فاطر: 8] على وجه الجبر؟
قال: بلى.
قلت: فكان الذين أضلهم أخرجهم من النور إلى الظلمات، والذين هداهم أدخلهم في النور وأخرجهم من الظلمات.
قال: أما هكذا فنعم.
قلت: فعد بنا إلى كتاب الله عز وجل، فأنا وأنت نعد له.
قال: إفعل.
قلت: أفتكلم لي ولك.
قال: نعم.
قلت: قال الله عز وجل:{الله ولي الذين آمنوا يخرجهم/4/من الظلمات إلى النور والذين كفروا أوليآؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} [البقر: 57]، إنسب يا إبراهيم، إلى الله عز وجل ما نسب إلى نفسه، وانسب إلى الطاغوت ما نسب الله إليه.
पृष्ठ 6
(4)مجلس [حول الجبر والإختيار]
قال: وجرى بيني وبين رجل من الأشراف حسيني ب(عدن) كلام، وكان يقول بالجبر. فقلت له: ما تقول أيها الشريف في جدك علي بن أبي طالب عليه السلام، هل قتله عبد الرحمن بن ملجم باختيار أو باضطرار؟ قل ما شئت.
قال: وكان رجلا حاضر الذهن ففهم ما أردت به، فقال لي: يا أبا الحسين، أنت تلجئني إلى الوعر، إن قلت: إن عبد الرحمن بن ملجم قتل جدي عليا عليه السلام باضطرار أهدرت دم جدي علي؛ لإنه لا يكون على عبد الرحمن في قتله شئ؛ لقول الله تعالى: {إلا ما اضطررتم إليه} [الأنعام: 119]، وإن قلت: إنه قتله باختيار خرجت من مذهبي، وإلى مذهبك أعود.
قلت: لا تستكبر، ليس المذهب مذهبي، هو مذهب آبائك وأجدادك الطاهرين، قلت: فعلى ما أذهب منك.
قال: تنظرني حتى ألقاك يا أبا الحسين.
قال: قلت: اللهم، أشهد على عبدك، وابن نبيك أني قد بلغت إليه الحق الذي جاء به جده عليه السلام /5/.
पृष्ठ 7
(5)مجلس [الفرق بين الموحد والملحد]
قال: وسألني بعض إخواني، فقال لي: يا أبا الحسين، ما يكون الفرق بين الملحد والموحد؟
فقلت له: إعلم أكرمك الله أنه أجمع الملحد والموحد [على] أن الله تبارك وتعالى لو أراد ما عصي، ثم قال الموحد: الله عز وجل مع هذا ما رضي بفعل العصاة، لقوله سبحانه: {إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر} [الزمر: 7]. وقال الملحد: لما كان الله قادرا على أن ينتقم الكافرين،فأخر النقمة عنهم علمنا أنه قد رضي بفعلهم، فهذا الفرق بين الملحد والموحد، فاعلم ذلك.
पृष्ठ 8
(6)مجلس [مع رجل من الإمامية في علم الإمام]
قال: ولقيت رجلا من الحسينيين ب(عدن)، وكان يقول بمذهب الإماميه قال: فقعدت معه على ساحل البحر في مسجد بناه رجل غريب.فقلت له: ما تقول يا شريف، أنت مجمع معي على أن يد النبي صلى الله عليه وعلى آله فوق أيدي الأئمه الطاهرين، من علي إلى المهدي عليهم السلام.
قال: نعم.
قلت: فضائل النبي صلى الله عليه، فوق فضائل الأئمة وأعلا منها.
قال: نعم.
ثم قلت: تزعم أن إمامك يعلم ما في قعر هذا البحر؟
قال: نعم.
قلت: والله عز وجل يقول لرسوله صلى الله عليه: {ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم} [التوبة: 101].
قال: فتحير وسكت.
पृष्ठ 9
(7)مجلس [مع إمامي في ما تستحق به الإمامة]
قال: وجرى بيني وبين رجل /6/ حسيني كلام، فقلت له: يا شريف، الإمامة في أولاد الجوهرتين الحسن والحسين عليهما السلام بالاستحقاق؟
قال: لسنا نقول بهذا يا أبا الحسين.
قلت: فكيف قولكم؟
قال: نحن نقول: بالنص.
قلت: وما النص؟
قال: ينص الأول على الآخر، يقول الإمام الذي هو اليوم للناس: هذا إمامكم من بعدي.
قلت له: فلست أشط عليك بما لا تقوى عليه، قد أجمعت الأمة بأسرها على أن رسول الله صلى الله عليه نص عليا يوم الغدير ونوه باسمه، وعرف بإمامته، فلست أسألك مثل تلك الجماعة، ولكني أسألك شاهدين عدلين من غير أهل مذهبك، يشهدان أن عليا عليه السلام، نص الحسن كما نصه الرسول صلى الله عليه، فإذا أتيت لي بهذا ولست تقدر على ذلك سألتكم شاهدين عدلين من غير أهل مذهبك، يشهدان أن الحسن نص الحسين كما نصه علي عليه السلام، ثم بين لي أي إمام نص على الذي يكون من بعده إلى الطرف؟ فلم يجد جوابا وانقطع.
पृष्ठ 10
(8)مجلس [في صوم يوم الشك والخلاف في ميراث الجد والقتال بين
المؤمنين]
قال: وكان بيني وبين أبي يعقوب المقرئ ب (عدن) كلام، في مجلس ابن رياح، فقال لي أبو يعقوب: متى صمت يا أبا الحسين؟
قلت: صمت أمس يا أبا يعقوب.
قال: فصام/7/ الناس اليوم، وصمت أمس، لإي علة؟
قلت: للخبر المروي عن علي عليه السلام.
قال: وما هو؟
قلت: قوله: ((لأن أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان)).
قال: يا أبا الحسين، فأنت تقول بالشك؟
قلت: أما في الله وملائكته وكتبه ورسله فمعاذ الله، وأما في نهار أمس فقد شككت. فما تقول في نهار أمس كان من شعبان أو من رمضان؟
قال: لاأدري. قلت: فقد استوينا في الشك في نهار أمس، ولكنك أمنت على نفسك فأقدمت، وخفت على نفسي فاستحطت.
ثم قال: يا أبا الحسين، بلغنا عنك أنك تقول: ليس بين العلماء اختلاف.
قلت: نعم، هذا قولي واعتقادي.
قال: أفليس عندك خبر أبي بكر وعلي واختلافهما في الجد؟
قال: قلت: يا أبا يعقوب، إنا في طلب هذا الأمر، فعرفني كيف كان اختلافهما؟
قال: نعم، اختلفا في ميراث الجد، فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: الجد يقاسم الإخوة إذا كانوا مجتمعين، ويقاسم الإخوة إذا كانوا منفردين، ولا يقاسم الأخوات إذا كن وحدهن، ولا يبرح يقاسم الإخوة ما كانت المقاسمة خيرا له، فإذا خشي على سدسه الضرر قبضه، وخلى أهل الفريضة وفريضتهم. وقال أبو بكر: الجد بمنزلة الأب/8/يحجب ما حجب الأب، ويرث ما ورث.
पृष्ठ 11
قال: قلت: يا أبا يعقوب، قد وطئت الكتب، ولقيت العلماء، ودخلت البلدان، فهل رأيت أحدا، أو قرأت في كتاب أن أحدا من الأمة يخرج من حكم علي هذا في الجد؟
قال: لا.
قلت: فهل قرأت في الكتب، أو سمعت أحدا من الأمة يدخل في حكم أبي بكر؟
قال: لا.
قلت: يا أبا يعقوب، فإذا كنت أنت وأصحابك وجميع أهل مقالتك تقولون بإمامة أبي بكر، وأنتم وجميع أهل الإسلام خارجون من حكمه فكيف منزلته عندكم؟ ولربما أعملت الفكر في أمركم، فإن أصدق كلامكم على الرجل وقد غاب عني شخصه فأنا متحير في كلامكم، وإن أقل: إنكم اتخذتمم إلى الرجل ما لم يقل فبالحرا.
ثم قال: يا أبا الحسين، بلغنا أنك تقول: ليس بين المؤمنين قتال.
قلت: نعم، هذا قول واعتقادي.
قال: أفليس عائشة قاتلت عليا؟
فقلت له: عائشة لم تؤمر بالقتال، إنما أمرها الله عز وجل بأن تقر في بيتها، فعصت ربها ونبيها.
قال: فتحير، ثم قلت للجماعة الذين كانوا حضورا معنا: إنما القتال بين المؤمنين والكافرين.
ثم قلت: هل منكم أحد يشك في إيمان أمير المؤمنين علي عليه السلام؟
قالوا: معاذ الله!
قلت: فأحد منكم يشك في كفر/9/ذي الثدية.
قالوا: لا.
قلت: فجميع من حارب أمير المؤمنين عليا عليه السلام، فهو كافر بالله.
قال: فانقطع أبو يعقوب وأمسك.
ثم ألتف إبراهيم بن رياح إلي. فقال لي: يا أبا الحسين، أنت مقلد.
قلت له: إني أبرأ إلى الله من فريقين.
قال: ومن هما؟
قلت: من الذين قال الله سبحانه فيهم: {وكذبوا واتبعوا أهوآئهم} [القمر: 3]، ومن الذين قالوا: { إنا وجدنا آبائنا على أمة وإنا على ءاثارهم مقتدون}.
पृष्ठ 12
قال: فممن أنت؟
قلت: من الذين قال الله عز وجل فيهم: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما} [النساء: 65].
قال: يا أبا الحسين، وفيمن هذه الآية ؟
قلت: هي في النبي صلى الله عليه، وفيمن يقوم مقام النبي صلى الله عليه، من أهل بيت النبي في أمة النبي.
قال: لا يا أبا الحسين، إنما هذه الآية خآصة في النبي، والنبي فقد غاب.
قلت: فأحسن الله جزاك يا أبا إسحاق.
قال: فيم تشكرني؟
قلت: عندما رفعت عنا العبادة.
قال: كيف ؟
قلت: لإنك قلت: إنها خاصة في النبي وليست لإحد بعده، فإذا غاب عنا المعلم ولم يبق من يقوم مقامه فقد ارتفعت العبادة.
قال: أنا استغفر الله يا أبا الحسين، بل الآية كما قلت خاصة في النبي وعامة/10/فيمن يقوم مقام النبي، من أهل بيت النبي، في أمة النبي عليه وعليهم السلام.
ثم قال إبراهيم لجميع من حضر: دعوا الكلام لأبي الحسين.
पृष्ठ 13
(9)مجلس [في أن العلماء لا يختلفون]
وقال لي البحيرمي إنسان كان ب(عدن) وكان يتعلم مني :يا أبا الحسين، قال لي هؤلاء المخالفون لنا: أليس صاحبك أبو الحسين يقول: ليس العلماء يختلفون، وقد اختلف موسى والخضر.
قلت له: فما قلت لهم؟
قال: جئت أسألك ما أقول لهم.
قلت له: قل لهم: كيف أنتم تزعمون أنهما اختلفا، والله عز وجل يقول في كتابه أن موسى قال للخضر: {إن سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا} [الكهف: 76]، فإنا نراه يعتذر، وليس المعتذر بمخالف.
पृष्ठ 14
(10)مجلس [في معنى قوله تعالى:إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم]
قال:وقال لي البحيرمي مرة: أليس أنت تقول: إن الله تعالى لا يغوي أحدا من خلقه؟
قلت: بلى، هذا قولي واعتقادي.
قال: فقال قوم من مخالفينا: ألا ترى أن نوحا صلى الله عليه، قال لقومه: {إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم} [هود: 34].
قلت له: فما قلت لهم؟
قال: تعرفني يا أبا الحسين ما أقول لهم.
قلت:للهادي عليه السلام كلام في هذا المعنى، وللقاسم أيضا فيه كلام، فالمعنى في كلامهما واحد، واللفظ مختلف، قال القاسم عليه السلام: صدق الله الذي لا إله إلا هو وبلغت رسله، قال نوح عليه السلام،/11/لقومه: {إن كان الله يريد أن يغويكم} [هود: 34] قوله: إن هو حرف استفهام، فليس ينفعكم نصحي إن كان قد حال بينكم وبين الطاعه. وقال الهادي عليه السلام: إن كان الله يريد أن يغويكم، معنى يغويكم: يعذبكم بما اجترمتم فليس ينفعكم نصحي، إذا حل بكم العذاب بما استوجبتم، قال الله عز وجل: {فسوف يلقون غيا} [مريم: 59] يعني عذابا.
पृष्ठ 15
(11)مجلس
قال: وجرى بيني وبين رجل من الطالبيين كلام، فقال لي: يا أبا الحسين، أنا رجل معي ضيق صدر ومعي بنات، وتحت يدي خويدمات، وأنا أرى أن ماتا حاجزت ولست أقدر على الضيق، فلا أدري ما تشر علي؟
قلت له: إسمع يا شريف، لا يضق صدرك، ولا يغم قلبك، فما سلمنا أن يحدث بالمحدث بأس فحالنا جميل، وأنا وأنت نعلم والحمدلله أنه لا يحدث به بأس، وقد قال الله عز وجل في كتابه المنزل على لسان نبيه المرسل: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب} [الطلاق: 2،3]فتوكل على الله واعمل بطاعته تنج من جهد الدنيا وعذاب الآخرة.
قال: وبينما نحن في مجلسنا ذلك إذ نظر إلي رجل من جند السلطان،وذلك الجندي شيخ كبير أحمر الرأس واللحيه وهو يمرغ فرسا له وينصص له ويلاعبه.
فقال لي الشريف: يا أبا الحسين،/12/ألا تنظر إلى قلة عقل هذا على هذه السن وحمقه.
فقلت له: قد بقي من هو أقل من هذا عقلا وأحمق منه، لإن هذا عارف بنفسه وأنه مخط، ولعله يحدث نفسه بتوبة مما هو عليه، لكن أشد منه جهلا من قد جمع الكتب التي فيها إدحاض ما جاء به النبي عليه السلام، وليس هو يحدث نفسه بالتوبة من ذلك إلى يوم القيامة، هذاك أجهل من هذا.
قال، فقال: صدقت يا أبا الحسين، والقول على ما قلت.
पृष्ठ 16
(12)مجلس [هذا هو المجلس الأول مع زياده]
قال: وكنت التقيت برجل من فقهاء صنعاء مقرئ، يقال له: (ميمون) فتحدثنا إلى أن قلت له: قال الله عز وجل: {ما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم} [آل عمران: 7] فقال لي: يا أبا الحسين، لا يقرأ هكذا، فإن القراءة ووقف القراء: {ما يعلم تأويله إلا الله} هاهنا الوقف. قال: فغفلت عنه ساعة حتى نسي حديثنا، ثم قلت له: مامعنى قول الله عز وجل:{واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها} [يوسف: 82] قال: اسأل أهل القرية وأهل العير. قلت: وقوله: {لتنذر أم القرى ومن حولها} [الأنعام: 92] قال: أم القرى مكة وحولها الشرق والغرب. قال: فقلت له: هذا تنزيل أم تأويل؟ قال: بل تأويل. قلت: فقد قلت: إن الوقف: {ما يعلم تأويله إلا الله} فتحير، وبرم فأمسكت.
ثم قلت: يا ميمون، في/13/كلامنا بقية، قوله عز وجل: {والراسخون في العلم يقولون آمنا به} إن كانوا آمنوا بما علموا فإيمانهم صحيح، وإن كانوا آمنوا بما جهلوا فليس معهم إيمان.
قال: ثم قلت له: ما تقول لإحد عنك مشية أوأمر.
قال: لا.
قلت: لا للذكر ولا للأنثى.
قال: نعم.
قلت له: فاعلم أني قد وجدت لك كتابا قد كتبته بخطك لمرأة على زوجها: إذا شاءت فلانة سألت فلانا حقها هذا، وسأله إياه لها سائلها بأمرها. فأخبرني هل كتبت لها ما لا يحل لها؟ أم خدعتها عند ما قصدت إليك بكتابها؟
قال: فتحير ولم يرد جوابا.
पृष्ठ 17
(13)مجلس [هذا المجلس الثاني]
قال: ولقيت رجلا من فقهاء أهل صنعاء. فقلت له: ما تقول على كم الهدى عندكم من وجه؟
قال: هو عندنا على وجه واحد، والضلال على وجه واحد.
قلت: فبين لي فيهما حالا أعمل بحسبه.
قال: يا أبا الحسين، أنا أبين لك القول ببيان واضح، إعلم أن قولنا وعندنا أن من هداه الله عز وجل فليس له إلى المعصية سبيل، وكذلك من أضله فليس له إلى الطاعة سبيل، وهذا القول يكفيك عن غيره.
قال: فقلت له: فأخبرني آدم عندك وعند أصحابك ممن هداه الله؟
قال: نعم.
قلت: قال الله عز وجل من قائل: {وعصى آدم ربه فغوى} [طه: 121]يقرى بهذا في جميع الدنيا، وقلت: إن عندكم من هداه الله فليس له إلى المعصية سبيل/14/.
قال: فتحير وبرم ولم يجب.
पृष्ठ 18
(14)مجلس [إن الله لا يأمر بمالا يريد]
وقال لي يوما رجل غريب ب(عدن): يا أبا الحسين، أليس أنت تقول: إن الله لا يأمر بما لا يريد.
قلت له: نعم، هذا قولي واعتقادي، وقول جميع أهل الإسلام.
قال: فهذا إبراهيم عليه السلام أمره الله بذبح ابنه وهو لا يريد منه أن يذبحه.
قال: قلت له: ليس القول كما قلت، إنما أراد الله عز وجل من إبراهيم أن يجري السكين على حلق ابنه ففعل إبراهيم ما أراد الله عز وجل منه وأمره به، وتصديق ذلك قول الله عز وجل له: {يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا} [الصافات: 104، 105].
पृष्ठ 19
(15)مجلس
قال: وقال لي يحيى القطان ب(عثر): يا أبا الحسين، إنما مثل أبي بكر مع علي بن أبي طالب عليه السلام، مثل نبي بني إسرائيل، مع طالوت عليهما السلام.
قال: فقلت له: يا يحيى، أليس اجتمعت بنو إسرائيل إلى نبيهم وتوسلوا به إلى خالقهم أن يبعث لهم ملكا يقاتل في سبيل الله؟ فدعا لهم فاستجاب الله عز وجل دعاء نبيه عليه السلام، فبعث لهم طالوت، فهمت بنو إسرائيل بمكابرته، وقالوا: {أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال}، فعرفهم نبي الله أن الملك خلاف ما ذهبوا إليه بقوله: إنه فضل طالوت {وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم} [البقرة: 247]، فهل معك يا يحيى،/15/بيان أو برهان أن أمة محمد صلىالله عليه، اجتمعوا إلى علي بن أبي طالب كاجتماع بني إسرائيل إلى نبيهم، وسألوه أن يبعث لهم أبا بكر؟
قال: فتحير، وقال: ليس معي في هذا جواب.
قال له: فينبغي للمسلم يحصل كلامه ويصل قوله بقول لا يفيد، وإلا فليس معه قول ولا عمل.
पृष्ठ 20
(16)مجلس [في الشفاعة]
قال أبو الحسين: وقعدت يوما ب(منكث) في جماعة من إخواني وجرى بيني وبينهم كلام، فقال لي رجل: ما تقول يا أبا الحسين ، في الشفاعة من النبي صلى الله عليه وآله، هل تكون للمحسن أم للمسيء؟
فقلت: لا، بل للمحسن دون المسيء.
فقام إلي رجل كان من خدام أسعد، فقال: يا أبا الحسين، ليس يحتاج المحسن إلى الشفاعة، قال الله عز وجل: {ما على المحسنين من سبيل}.
قال: فقلت له: أقعد. فقعد، ثم قلت له: يا هذا، أخبرني عن نبينا محمد صلى الله عليه في كمال عقله ومعرفته بربه إذا كان يوم القيامه، فقال لربه: إلهي وسيدي، قد كنت أنزلت علي كتابا في دار الدنيا، تأمرني فيه أن أعلم جميع خلقك من الجن والأنس وآمرهم بطاعتك، وأعدهم عليها بثوابك، وأنهاهم عن معصيتك، وأتوعدهم عليها بعقابك، فأنا اليوم أسألك أن تبطل ذلك الوعد والوعيد وتصير المسيء مع المحسن، والمسلم مع المجرم، وهو مع ذلك يتلو قوله تعالى: { لايشفعون إلا لمن ارتضى/16/وهم من خشيته مشفقون} [الأنبياء: 28]، والله يقول: {أفنجعل المسلمين كالمجرمين} [القلم: 35]، ويقول تعالى: {إن رحمت الله قريب من المحسنين} [الأعراف: 56]، فهل ترى أن يجوز لرسول الله صلى الله عليه مثل هذا من القول؟
قال: فتحير.
ثم قال لي: أنتم يآ معشر الشيعة تقعون في أصحاب رسول الله صلى الله عليه.
فقلت له: أنت تعرفني وأنا أعرف منذ دهركثير، فهل سمعتني أقع في أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه؟
قال: أما أنت فلا، وأما أصحابك فنعم.
قلت له: يا هذا، أنا غير أصحابي وأصحابي غيري.
पृष्ठ 21
قال: إنما هم يقعون فيمن قد رضي الله عنه، ثم ذهب يعد العشرة فلم يحسن.
فقلت له: تحب أن أحسبهم لك؟
قال: نعم.
قلت هم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد، وسعيد، وأبو عبيدة بن الجراح، وعبد الرحمن بن عوف.ثم قلت له: ما تقول هؤلاء العشرة؟
قال: هؤلاء الذين قال الله فيهم عز وجل: { لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم...الآية} [الفتح: 18].
قلت له: يا شيخ، مثلك على هذه السن وهذه الشيبة يطعن على أصحاب النبي صلى الله عليه، ويقع فيهم.
قال: كيف ذلك؟!
قلت: إذا كان عندك أن الله سبحانه لم يرض إلا على هؤلاء العشرة، فكأنه قد سخط على الباقين من أصحاب النبي صلى الله/17/عليه، ليس عندي أن مسلما يتكلم بمثل هذا، أين ذو الشهادتين؟ وأين التيهان؟ أين المهاجرون والأنصار؟
ثم قلت له: يا شيخ، أنت تروي أنت وأصحابك أنه لا يجتمع القاتل والمقتول في موضع واحد.
قال: نعم.
قلت له: أليس قولكم إن القاتل خلع عن المقتول ذنوبه كما يخلع الإنسان لحافه؟
قال: نعم.
قلت: فأخبرني عن عثمان بن عفان أين قتل؟
قال: بالمدينة.
قلت: وعلي بن أبي طالب حاضر.
قال: نعم.
قلت: بلغك أنه نهنه عنه بيد أوبلسان.
قال: لا.
قلت: فأخبرني عن طلحة بن عبيد الله في مصاف من قتل؟
قال: في مصاف علي عليه السلام.
قلت: فإلى من أتي برأس الزبير بن العوام؟
قال: إلى علي.
قلت: فهؤلاء يجتمعون في مكان واحد؟!
قال: فتجبر.
ثم قلت له: يا شيخ، كلامكم ينقض بعضه بعضا.
पृष्ठ 22
(17)مجلس [في قوم غرقوا في البحر]
قال: وسألني يوما أهل عدن ونحن في الجبانة في يوم عيد، وقد كان قوم من أهل عدن ومن الغرباء ركبوا في البحر إلى بعض تلك البلدان، ثم جاءهم خبر أن المركب باق وأنهم غرقوا. قال: فأغتم لذلك أهل عدن وبكوا عليهم. وقالوا لي: يا أبا الحسين، ما تقول في هؤلاء؟ نحن نرجو أن يجعل الله تعالى عوضهم في رحمته.
قلت لهم: إن الله تعالى قد عرفنا بخلاف ما قلتم.
قالوا: وما ذلك؟
قلت: قال تعالى: {فيغرقكم بما كفرتم} [الإسراء: 69]، وقال: {فكلا أخذنا بذنبه [إلى قوله] ومنهم من أغرقنا} [العنكبوت: 40]، وقال سبحانه: {مما خطيئآتهم أغرقوا/18/ فأدخلوا نارا} [نوح: 25]، ففي كل هذا يخبر أنه لا يغرق مسلما، فمن هذه الجهة قلت لكم هذا القول.
पृष्ठ 23