وهي إلى اليوم مجهل لم يعرف داخلها إلا قليلا، وليس بها ماء إلا آبار بعيدة الغور في بعض أطرافها، ولكنها تنبت بعد الأمطار مراعي أثيثة، فينتجع الأعراب مراعيها موغلين في جوفها مسافات بعيدة، فيبقون ثلاثة أشهر أو أربعة يشربون لبن الإبل ويأكلون لحمها، وتجتزئ الإبل والغنم بالعشب.
ولم يسم العرب هذه الصحراء باسم جامع، ولكن سمى أهل كل قطر ما يليهم منها باسم خاص.
فطرفها الذي يمتد شرقي اليمن إلى الشمال والغرب من حضرموت يسمى صهيد.
والذي شمالي حضرموت وشرقيه يسمى الأحقاف، وهي في أخبار العرب مواطن قوم عاد، وقد ذكرها القرآن الكريم في الآية:
واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف .
والجانب الذي شمالي مهرة يسمى وبار، وفي أساطير العرب أن وبار أرض خصبة ولكن سكانها الجن، لا يدخلها أحد إلا أهلكوه. قال ياقوت:
ويزعم علماء العرب أن الله تعالى لما أهلك عادا أسكن الجن في منازلهم، وهي أرض وبار، فحمتها من كل من يريدها، وأنها أخصب بلاد الله وأكثرها شجرا ونخلا وخيرا، وأعذبها عنبا وتمرا وموزا، فإن دنا رجل منها عامدا أو غالطا حثا الجن في وجهه التراب، وإن أبى إلا الدخول خبلوه وربما قتلوه.
وهذه خرافة تمثل خوف العرب من هذه الصحراء، وهلاك من يضل فيها، وروي أنه في هذا الإقليم الإبل الحوشية، والعرب تزعم أنها من نسل الجن، ولا يبعد أن يكون العرب قد عرفوا في هذه الصقع إبلا وحشية لم تستأنس، وأنهم عرضوا إبلهم لها لتلقح منها.
قال شاعر:
كأن على حوشية أو نعامة
अज्ञात पृष्ठ