وإنما سميت جزيرة لإحاطة الأنهار والبحار بها من جميع أقطارها وأطرافها، فصاروا منها في مثل الجزيرة من جزائر البحر، وذلك أن الفرات أقبل من بلاد الروم، فظهر بناحية قنسرين ، ثم انحط على أطراف الجزيرة وسواد العراق، حتى دفع في البحر في ناحية البصرة والأبلة، وامتد إلى عبادان، وأخذ البحر في ذلك الموضع مغربا مطيفا ببلاد العرب منعطفا عليها، فأتى منها على سفوان وكاظمة إلى القطيف وهجر وأسياف البحرين وقطر وعمان والشحر، ومال منه عنق إلى حضرموت وناحية أبين وعدن، وانصب مغربا نصبا إلى دهلك، واستطال ذلك العنق فطعن في تهائم اليمن إلى بلاد فرسان وحكم والأشعريين وعك، ومضى إلى جدة ساحل مكة، والجار ساحل المدينة، ثم ساحل الطور وخليج أيلة وساحل راية، حتى بلغ قلزم مصر وخالط بلادها.
وأقبل النيل في غربي هذا العنق من أعلى بلاد السودان مستطيلا معارضا للبحر معه، حتى دفع في بحر مصر والشام، ثم أقبل ذلك البحر من مصر حتى بلغ بلاد فسلطين، فمر بعسقلان وسواحلها، وأتى على صور ساحل الأردن، وعلى بيروت وذواتها من سواحل دمشق، ثم نفذ إلى سواحل حمص وسواحل قنسرين حتى خالط الناحية التي أقبل منها الفرات، منحطا على أطراف قنسرين والجزيرة إلى سواد العراق.
وقد حاول هذا الواصف أن يحكم الدائرة، فأدخل النيل في المياه المحيطة بالجزيرة، ولم يرد أن يغفل المسافة بين خليج السويس وبحر الروم الذي سماه بحر مصر والشام، فاستعان بفرع النيل الشرقي على إحكام هذه الدائرة من المياه المحيطة بالجزيرة.
وهذا التحديد يدخل بلاد الشام كلها والبادية التي بين الشام والعراق وبادية سيناء، في جزيرة العرب، والحد الشمالي يختلف فيه الجغرافيون، منهم من يجعل الحد الشمالي صحراء النفود، فيخرجون بادية الشام من الجزيرة، ومن هؤلاء المقدسي.
والتحديد المساير لطبيعة الأرض يدخل بادية الشام وسيناء في الجزيرة، فحدها على هذا من الشرق بحر عمان وخليج البصرة (خليج فارس) ونهر الفرات، ومن الجنوب بحر العرب، ومن الغرب البحر الأحمر وقناة السويس، ومن الشمال البحر الأبيض، وخط يبتدئ من العريش مسايرا حدود فلسطين الجنوبية، ومنعطفا إلى الشمال مع حدود الشام الشرقية حتى يقارب تدمر، ثم ييمم الشرق إلى الفرات، ثم يسير صوب الجنوب الشرقي إلى ملتقى شط العرب وخليج البصرة.
وأبعاد الجزيرة من بور سعيد إلى عدن
1500 ميل
ومن باب المندب إلى رأس الحد في عمان
1300 ميل
ومن بور سعيد إلى الفرات
अज्ञात पृष्ठ