महासिन तावील
محاسن التأويل
शैलियों
الأنبياء. ثم بما يكون منهم من المعاصي التي تخصهم. ثم بما يكون منهم من المعاصي المتعدية إلى الغير ، مثل الاعتداء. وهذا من لطائف أسلوب التنزيل.
ثم أعلم تعالى بأن باب التوبة مفتوح على الوجه العام لليهود وغيرهم. وأن من ارتكب كبائر الذنوب التي تستوجب الغضب الإلهي ، وضرب الذلة والمسكنة ، كما حل باليهود ، إذا آمن وتاب فله في الدنيا والآخرة ما للمؤمنين. وعادة التنزيل جارية بأنه متى ذكر وعد أو وعيد ، عقب بضده ليكون الكلام تاما فقيل :
** القول في تأويل قوله تعالى :
( إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) (62)
أي إن الذين آمنوا بما دعا إليه محمد صلى الله عليه وسلم ، وصاروا من جملة أتباعه. قال في فتح البيان :
كأنه سبحانه أراد أن يبين أن حال هذه الملة الإسلامية ، وحال من قبلها من سائر الملل ، يرجع إلى شيء واحد ، وهو أن من آمن منهم بالله واليوم الآخر وعمل صالحا استحق ما ذكره الله من الأجر. ومن فاته ذلك فاته الخير كله ، والأجر دقه وجله. والمراد بالإيمان هاهنا هو ما بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله ، لما سأله جبريل عليه السلام عن الإيمان فقال : أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والقدر خيره وشره» (1).
ولا يتصف بهذا الإيمان إلا من دخل في الملة الإسلامية. فمن لم يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ولا بالقرآن ، فليس بمؤمن. ومن آمن بهما صار مسلما مؤمنا ، ولم يبق يهوديا ولا نصرانيا ولا مجوسيا. انتهى.
قال الراغب في تفسيره : تقدم أن الإيمان يستعمل على وجهين : أحدهما الإقرار بالشهادتين ، الذي يؤمن نفس الإنسان ، وماله عن الإباحة إلا بحق ، وذلك بعد استقرار هذا الدين مختص به كالإسلام. والثاني تحري اليقين فيما يتعاطاه الإنسان من أمر دينه. فقوله ( إن الذين آمنوا ) عنى به المتدين بدين محمد صلى الله عليه وسلم ، وقوله : ( من آمن بالله ) عنى به المتحري للاعتقاد اليقيني ، فهو غير الأول. ولما كانت
पृष्ठ 316