महासिन तावील
محاسن التأويل
शैलियों
واركعوا مع الراكعين )
اللبس الخلط ، وقد يلزمه الاشتباه بين المختلطين. والمعنى لا تخلطوا الحق المنزل بالباطل الذي يخترعونه أو يذكرونه في تأويله حتى يشتبه أحدهما بالآخر ، وقوله ( وتكتموا ) مجزوم داخل تحت حكم النهي. وتكرير الحق ، لزيادة تقبيح المنهي عنه ، إذ في التصريح باسم الحق ، ما ليس في ضميره ، والتقييد بقوله ( وأنتم تعلمون ) لزيادة تقبيح حالهم ، إذ الجاهل عسى يعذر ، وقوله ( وأقيموا الصلاة ) الآية ، أمر بلزوم الشرائع عليهم بعد الإيمان. وذلك إقامة الصلاة بأدائها بفروضها ، والمحافظة عليها. وإعطاء الصدقة المفروضة ، والركوع لله ، أي الخضوع لأوامره بإطاعتها.
قال ابن جرير : هذا أمر من الله ، جل ثناؤه ، لمن ذكر من أحبار بني إسرائيل ومنافقيها بالإنابة والتوبة إليه ، وبإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والدخول مع المسلمين في الإسلام والخضوع له بالطاعة. ونهي منه لهم عن كتمان ما قد علموه من نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، بعد تظاهر حججه عليهم ، وبعد الإعذار لهم والإنذار. وبعد تذكيره نعمه إليهم وإلى أسلافهم تعطفا منه بذلك عليهم ، وإبلاغا إليهم في المقدرة.
وقد قيل في قوله : ( واركعوا مع الراكعين ) حث على إقامة الصلاة في الجماعة لما فيها من تظاهر النفوس في المناجاة.
** القول في تأويل قوله تعالى :
( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون ) (44)
( أتأمرون الناس بالبر ) أي بما فيه لله رضا من القول أو الفعل. وجماع البر كل ما فيه طاعة لله تعالى. والهمزة للتقرير مع التوبيخ والتعجيب من حالهم ( وتنسون أنفسكم ) أي تتركونها من البر كالمنسيات. والمعنى تخالفون ما تأمرون به من ذلك إلى غيره. وقوله ( وأنتم تتلون الكتاب ) تبكيت مثل قوله ( وأنتم تعلمون ) يعني تتلون التوراة وفيها الوعيد على الخيانة وترك البر ومخالفة القول العمل. ( أفلا تعقلون ) توبيخ عظيم بمعنى أفلا تفطنون لقبح ما أقدمتم عليه حتى يصدكم استقباحه عن ارتكابه وكأنكم في ذلك مسلوبو العقول ، لأن العقول تأباه وتدفعه.
روى الحافظ ابن كثير الدمشقي في تفسيره عن إبراهيم النخعي قال : إني لأكره القصص لثلاث آيات : قوله تعالى : ( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم ) وقوله :
पृष्ठ 300