माघानीम
المغانم المطابة في معالم طابة
प्रकाशक
مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة
संस्करण संख्या
الأولى
प्रकाशन वर्ष
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م
शैलियों
عن حديث أو علم، ولا كان الشيطان يطمع فيهم حتى يسمعهم كلامًا أو سلامًا فيظنون أنه هو ﷺ كلمهم وأفتاهم، وبيّن لهم الأحاديث، أو أنه ردّ ﵈ بصوت يسمع من خارج، كما طمع الشيطان في غيرهم فأضلهم عند قبره وقبر غيره، حتى ظنوا أن صاحب القبر يأمرهم وينهاهم ويفتيهم ويحدثهم في الظاهر، وأنه يخرج من القبر ويرونه خارجًا منه، ويظنون أن نفس أبدان الموتى خرجت تكلمهم، وأن روح الميت تجسدت لهم فرأوها، كما رآها النبي ﷺ ليلة المعراج (^١) اهـ.
وكان أول انحراف نشأ في الإسلام ناشئًا عن الغلو في الدين حينما خرج الخوارج على الخليفة الراشد عثمان ﵁ فقتلوه، ثم خرجوا في عهد الخليفة الراشد علي ﵁ فقاتلهم، ثم قتلوه.
ولما كان الغلو بهذه المثابة من الخطورة على التوحيد والإسلام وأن الطبيعة البشرية عادةً غالبةُ الميل إليه سريعة الاستجابة لدواعيه فقد كان من الطبيعي توقع أن تقع هذه الأمة في الغلو وتصيبها آثاره شأن الأمم السابقة، لذا فإن النبي ﷺ -وقد أرسله الله رحمة للعالمين وكان يعز عليه ما يعنت أمته ويحرص على وقايتها من الأخطار التي تهددها- رؤوف رحيم بالمؤمنين، لذلك كان ﷺ أشد ما يكون حرصًا على تحذير أمته من الغلو في شخصه الكريم، فبالإضافة إلى إبلاغه ما أمر بإبلاغه من القرآن من مثل قوله تعالى: ﴿قلْ إنَّما أنا بشرٌ مثلكم يوحى إليَّ أنَّما إلهكم إلهٌ واحدٌ فمنْ كان يرجو لقاءَ ربه فليعملْ عملًا صالحًا ولا يشركْ بعبادة ربه أحدًا﴾ (^٢)، وقوله: ﴿قلْ لا أقولُ لكم عندي خزائنُ الله ولا أعلم الغيبَ ولا أقولُ لكم إنِّي ملكٌ﴾ (^٣)، وقوله: ﴿قل لا أملك لنفسي نفعًا ولا ضرًّا إلا ما شاءَ الله ولو كنتُ أعلم الغيبَ
(^١) المصدر السابق ص: ١٩٣. (^٢) سورة الكهف، آية رقم: ١١٠. (^٣) سورة الأنعام، آية رقم: ٥٠.
1 / 45