वैज्ञानिक पद्धति की अवधारणा
مفهوم المنهج العلمي
शैलियों
إذا كان أخطر أسرار نجاح العلم الحديث التآزر بين لغة الرياضيات ووقائع التجريب، فإن أخطر ما في الرياضيات العربية، أنها أبانت عن ضرورة تأسيس علاقات جديدة بينها وبين الفيزياء، كمكون منهجي من مكونات البرهان، فيما يشي بتآزر قطبي المنهج العلمي. وهذا ما أثبتته دراسات لرشدي راشد أهمها «علم المناظر والرياضيات» (1992م)، و«الهندسة وعلم انكسار الضوء في القرن العاشر: ابن سهل، القوهي، ابن الهيثم» (1996م)، و«بين الرياضيات والمناظر - من علم الانكسار إلى الهندسة: ابن سهل، ابن الهيثم، ديكارت» (2011م). أوضح راشد أن الحسن بن الهيثم (ت430ه) أول عالم يرفض اعتبار المفاهيم وحدها كافية لمعرفة الأشياء المادية، ورأى أن إمكانية معرفتها الحقيقية تكمن في رياضياتها، فيتجلى دوره الخطير في إعلان الترافق بين الرياضيات والفيزياء.
كان التجريب لا يزال مفهوما مبهما إلى حد ما، مثلما كان مع فرنسيس بيكون مثلا. اتخذ التجريب المسترشد بالرياضيات عند ابن الهيثم، فحوى مختلفا تماما عن مجرد الرصد، أو حتى القياسات الفلكية والتكميميات المعتادة. تعددت معاني التجريب ووظائفه عنده، بقدر تعدد العلاقات بين الرياضيات والفيزياء، وهو يؤسس لتلك العلاقات بمناهج متباينة، لم يعالجها كموضوع قائم بذاته، إلا أنها منبثة في أعماله، فاستطاع رشدي راشد تقنينها وتحليلها.
المساهمة الأساسية لابن الهيثم في مجال البصريات هي علم المناظر الهندسي. لقد انشغل بإصلاح علم البصريات ومراجعة مجالاته المختلفة: المناظر والظواهر الضوئية وانعكاس الأشعة الضوئية وانكسارها، والمرايا المحرقة وعلم البصريات الفيزيائي، ثم الجوانب والسيكولوجية والفيزيولوجية للبصريات، مستخدما الأساليب الهندسية والتجريب في كل المجالات. أنهى التقليد القديم مع إقليدس وبطليموس؛ حيث كانت الرؤية هي إضاءة الشيء المرئي، فلا فرق بين شروط الرؤية وشروط انتشار الضوء، أما ابن الهيثم فقد وضع تمييزا قاطعا بين فيزياء الضوء وبين فيزيولوجيا وسيكولوجيا الإبصار؛ الإبصار يخضع لقوانين الضوء وليس العكس.
يحمل علم الانكسار أو دراسة الأشعة المنكسرة، أمضى تطبيق للرياضيات على الفيزياء، الذي اتخذ عند ابن الهيثم «مناحي مختلفة تتفق ونضوج المفاهيم في كل فرع من فروع العلم، التي عالجها في عمله الضخم من جهة، كما يتوقف على إمكانية إخضاع الظاهرة إلى التجربة من جهة أخرى».
16
من هذه المناحي ما هو متعلق بتماثل البنيات، كما هو عليه الأمر في المناظر الهندسية بعد إصلاحها من قبله. وثمة منحى آخر هو تطبيق الرياضيات بواسطة علم آخر وضع على شكل رياضي «استخدام ترسيمة ميكانيكية في دراسة المناظر على سبيل المثال».
17
في علم البصريات الفيزيائي علاقة مع الرياضيات، عن طريق التماثل بين الرسومات الهندسية لحركة جسم ثقيل والرسومات الهندسية للانعكاس والانكسار، وتأدت رؤية ابن الهيثم إلى نوع آخر من التجريب المسترشد بالرياضيات، مارسه كمال الدين الفارسي (ت 710ه)، «حيث تنحو العلاقة بين الرياضيات والفيزياء نحو بناء نموذج، بحيث يختزل الضوء داخل وسط طبيعي - عن طريق الهندسة - إلى انتشاره داخل أداة مصنوعة، مما يعني أننا بصدد تعريف تناظر رياضي تمثيلي بين الطبيعي والأداة المصنوعة؛ مثال ذلك الكرة المملوءة بالماء لدراسة القوس قزح. ووظيفة التجريب هنا هي التعبير عن الشروط الفيزيائية لظاهرة ليس لدينا طريقة أخرى لدراستها مباشرة.»
18
تكمن حداثة مشروع ابن الهيثم في هذه الأشكال من التجريب المتريض - إن جاز التعبير، كانت آليات ضبط ومستويات وجود لمفاهيم إدراكية. هذا فضلا عن استهدافه الحصول على نتائج كمية، وابتدع من أجل ذلك أجهزة وتدابير معقدة. لقد أرسى ابن الهيثم دعائم اعتبار التجريب جزءا لا يتجزأ من البرهان الرياضي في الفيزياء، «والتسلسل الذي يبدأ بابن الهيثم ليصل إلى كبلر وغيره من علماء القرن السابع عشر ثابت؛ لهذا كانت المعرفة بالعلم العربي ضرورية حتى نتفهم الحداثة الكلاسيكية.»
अज्ञात पृष्ठ