वैज्ञानिक पद्धति की अवधारणा
مفهوم المنهج العلمي
शैलियों
حرص كارل بوبر على إثبات أن البدء بالملاحظة لا يفضي إلى شيء، بل هو فكرة مستحيلة أصلا، وبالتالي فإن الاستقراء التقليدي لا يصف ما يفعله العلماء، ولا ما ينبغي أن يفعلوه، ولا حتى ما يمكن أن يفعلوه. يوضح بوبر هذا بأقصوصة عن رجل كرس حياته للعلم، فأخذ يسجل كل ما استطاع أن يلاحظه، ثم أوصى أن تورث هذه المجموعة من الملاحظات، لكي تستعمل كدليل استقرائي! فطبعا لن تفيد العلم في شيء، ولن تفضي إلى شيء، وإذا افترضنا كمبيوتر يقوم بدور آلة استقرائية، فيجمع المعطيات الحسية المتماثلة ليعممها في قانون، فإن عمله هذا مستحيل بدون فرض مسبق، لا بد قبلا من برنامج يحدد للكمبيوتر ما أوجه التماثل التي يبحث عنها، ومتى يأخذ الوقائع التجريبية على أنها متماثلة. لقد بدأ بوبر إحدى محاضراته في فيينا بأن قال لطلاب الفيزياء: «أمسك بالقلم والورقة، لاحظ بعناية ودقة، سجل ما تلاحظه.» بالطبع تساءل الطلاب عما يريدهم بوبر أن يلاحظوه، وهنا أوضح لهم كيف أن «لاحظ!» فحسب لا تعني شيئا، العالم لا يلاحظ فحسب، الملاحظة دائما منتقاة، توجهها مشكلة مختارة من موضوع ما، ومهمة محددة، واهتمام معين ووجهة من النظر نريد من الملاحظة أن تختبرها. المشكلة المطروحة للبحث هي ما يبدأ به العالم، وليس الملاحظة الخالصة كما يدعي الاستقرائيون، فماذا عساه أن يلاحظ ويسجل؟ بائع جرائد ينادي وآخر يصيح، وناقوس يدق ... أم يلاحظ أن كل هذا يعرقل بحثه؟
7
إن العالم يحتاج مسبقا لنظرية يلاحظ على أساسها، وفرض يلاحظ من أجله؛ فهو يبدأ من الحصيلة المعرفية السابقة لتحدد له، موقف المشكلة وتعين على فهمها، فيقدح عبقريته العلمية ليتوصل إلى الفرض الذي يستطيع حلها، ها هنا فقط يلجأ إلى الملاحظة ليختبر فرضه تجريبيا عن طريق النتائج المستنبطة. تلك هي الصورة العامة لمسار البحث؛ أي للمنهج العلمي التجريبي، إنه المنهج الفرضي الاستنباطي.
على هذا النحو نسلم بأن قطبي المنهج العلمي هما الفرض والملاحظة، وقد سادت المرحلة الكلاسيكية نظرية البدء بالملاحظة التي فرضتها فيزياء نيوتن، ويعد جون ستيوارت مل أبرز فلاسفتها، بينما تسود المرحلة الراهنة نظرية البدء بالفرض التي أكدها آينشتين، وعمل من أجلها فلاسفة كبار للمنهج العلمي في القرن العشرين وفي مقدمتهم كارل بوبر. (4) آفاق مركب جدلي
ليس الأمر تلاعبا بطرفي المنهج العلمي، بل هو طرح انقلابي لطبيعة العلم، وطبيعة موقع العقل في هذا الكون، ومفهوم المنهج العلمي؛ فلو كانت الملاحظة هي الأسبق، فإن العلم تعميم آلي للوقائع ملغوم بمشكلة الاستقراء، ودور العقل الإنساني تابع للحواس سلبي هامشي، فقط يخدم الملاحظة الحسية، ليعممها في صورة قوانين مستقرأة من صلب الواقع التجريبي، فتكون يقينية ضرورية حتمية، ويغدو نسق العلم بناء مشيدا راسخا ثابتا، يعلو ولكن لا تبديل ولا تعديل، وكل تقدم تراكمي. أما إذا كان الفرض هو الأسبق، كما تبلج في ضوء ثورة الكوانتم والنسبية واقتحام عالم جسيمات الذرة، فإن العقل الإنساني المبدع للفرض هو الذي يخلق ملحمة العلم المجيدة، لا يخدم الملاحظة الحسية بل يستخدمها لتمحيص وتقنين الفروض، لقبولها أو رفضها، أو تعديلها.
وكان هذا انقلابا من النقيض إلى النقيض، انحلت إشكاليات منهجية تجسدها مشكلة الاستقراء، أي استحالة تبرير القفزة التعميمية من ملاحظات محدودة إلى قانون كلي، وبدت ظاهرة العلم أكثر إنسانية وأكثر تقدمية.
واللافت حقا أن فلسفة العلم قد واصلت مسارها، بتصورات من قبيل النموذج الإرشادي مع توماس كون، وميثودولوجيا برامج البحث مع إمري لاكاتوش، والاستراتيجيات العقلية مع ستيفن تولمن ... وهي تصورات توضح كيف أن الوقائع التجريبية لا تتحدد إلا في ضوء النظرية العلمية، والنظرية بدورها لا تتعين بدون الوقائع، كلاهما محمل بالآخر، الملاحظة العلمية ليست تسجيلا لانطباعات حسية، بقدر ما هي تأويل للمعطيات في ضوء الفرض المطلوب اختباره أو النظرية المعمول بها، والنظرية بدورها لا تترسم إلا من خلال وقائع تجريبية.
معنى هذا أن قطبي المنهج العلمي - الوقائع التجريبية والنظرية العلمية - ليسا طرفين متقابلين، نضع كلا في واد، ثم نبحث عن العلاقة بينهما، وأيهما يؤدي إلى الآخر وأيهما الأسبق، إنهما كل واحد متعضون في إطار متكامل. وفي الموقف العلمي المتعين يقبل هذا الإطار، أو يرفض ويتم الانتقال إلى إطار آخر أكثر تقدمية. والحق أن واقع البحث العلمي الآن يؤكد هذا . ويضرب بولكين هورن مثالا يوضحه وهو اكتشاف الجسيمين الذريين
Z
و
अज्ञात पृष्ठ