Mafhum al-Hikmah fi al-Da'wah ila Allah Ta'ala fi Daw' al-Kitab wa al-Sunnah
مفهوم الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى في ضوء الكتاب والسنة
प्रकाशक
مطبعة سفير
प्रकाशक स्थान
الرياض
शैलियों
سلسلة مؤلفات سعيد بن علي بن وهف القحطاني
مفهوم الحكمة
في الدعوة إلى اللَّه تعالى
في ضوء الكتاب والسنة
تأليف الفقير إلى اللَّه تعالى
د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني
अज्ञात पृष्ठ
بسم اللَّه الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد للَّه، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ باللَّه من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده اللَّه فلا مضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلّى اللَّه عليه وعلى آله وأصحابه وسلّم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:
فهذه رسالة مختصرة في «مفهوم الحكمة في الدعوة إلى اللَّه تعالى» بينت فيها مفهوم الحكمة وضوابطها، وأنواعها، وأركانها، ودرجاتها، وطرق اكتسابها، وقد قسمت البحث إلى تمهيد وأربعة مباحث وتحت كل مبحث مطالب، على النحو الآتي:
التمهيد: أهمية الحكمة في الدعوة إلى اللَّه تعالى.
المبحث الأول: مفهوم الحكمة: لغةً وشرعًا.
المبحث الثاني: أنواع الحكمة.
المبحث الثالث: أركان الحكمة.
المبحث الرابع: طرق اكتساب الحكمة.
واللَّه تعالى أسأل أن يجعل هذا العمل اليسير مباركًا، نافعًا، خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن
1 / 3
ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه تعالى خير مسؤول، وأكرم مأمول وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وصلى اللَّه وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا وإمامنا
محمد بن عبد اللَّه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
المؤلف
حرر ضحى يوم الخميس ٢٥/ ٢/١٤٢٥هـ
1 / 4
التمهيد: أهمية الحكمة في الدعوة إلى اللَّه تعالى:
١ - من الناس من يظن أو يعتقد أن الحكمة تقتصر على الكلام اللين، والرفق، والعفو، والحلم ... فحسب. وهذا نقص وقصور ظاهر لمفهوم الحكمة؛ فإن الحكمة قد تكون:
- باستخدام الرفق واللين، والحلم والعفو، مع بيان الحق علمًا وعملًا واعتقادًا بالأدلة، وهذه المرتبة تستخدم لجميع الأذكياء من البشر الذين يقبلون الحق ولا يعاندون.
- وتارة تكون الحكمة باستخدام الموعظة الحسنة المشتملة على الترغيب في الحق والترهيب من الباطل، وهذه المرتبة تستخدم مع القابل للحق المعترف به، ولكن عنده غفلة وشهوات وأهواء تصده عن اتباع الحق.
- وتارة تكون الحكمة باستخدام الجدال بالتي هي أحسن، بحُسنِ خلق، ولطف، ولين كلام، ودعوة إلى الحق، وتحسينه بالأدلة العقلية والنقلية، ورد الباطل بأقرب طريق وأنسب عبارة، وأن لا يكون القصد من ذلك مجرد المجادلة والمغالبة وحب العلو، بل لابدَّ أن يكون القصد بيان الحق وهداية الخلق، وهذه المرتبة تستخدم لكل معاند جاحد.
- وتارة تكون الحكمة باستخدام القوة: بالكلام القوي، وبالضرب
1 / 5
والتأديب وإقامة الحدود لمن كان له قوة وسلطة مشروعة، وبالجهاد في سبيل اللَّه تعالى بالسيف والسنان تحت لواء ولي أمر المسلمين مع مراعاة الضوابط والشروط التي دلَّ عليها الكتاب والسنة. وهذه المرتبة تستخدم لكل معاند جاحد ظلم وطغى، ولم يرجع للحق بل رده ووقف في طريقه (١).
وما أحسن ما قاله الشاعر:
دعا المصطفى دهرًا بمكةَ لم يُجب ... وقد لان منه جانبٌ وخطابُ
فلما دعا والسيفُ صلتٌ بِكفِّهِ ... له أسلموا واستسلموا وأنابوا (٢)
وصدق هذا القائل، فقد قال قولًا صادقًا مطابقًا للحق (٣)؛ ولهذا قال النبي ﷺ: «إن من الشِّعرِ حكمة» (٤).
٢ - الحكمة تجعل الداعي إلى اللَّه يُقَدِّر الأمور قدرها، فلا يزهد في الدنيا والناس بحاجة إلى النشاط والجد والعمل، ولا يدعو إلى التبتل والانقطاع والمسلمون في حاجة إلى الدفاع عن عقيدتهم
_________
(١) انظر: مفتاح دار السعادة لابن القيم، ١/ ١٩٤، وتفسير ابن كثير، ٣/ ٤١٦، و٤/ ٣١٥، وفتاوى ابن تيمية، ٢/ ٤٥، و١٩/ ١٦٤.
(٢) ذكر سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد اللَّه ابن باز ﵁ في مجموع فتاواه، ٣/ ١٨٤، و٢٠٤: أن هذا الشعر يُروى لحسان بن ثابت ﵁.
(٣) انظر: فتح الباري، ١٠/ ٥٤٠، ٦/ ٥٣١، وشرح النووي على صحيح مسلم، ٢/ ٣٣، وعون المعبود شرح سنن أبي داود، ١٣/ ٣٥٤.
(٤) البخاري مع الفتح، كتاب الأدب، باب ما يجوز من الشِّعر والرَّجَزِ والحداءِ وما يكره منه،
١٠/ ٥٣٧، (رقم ٦١٤٥).
1 / 6
وبلادهم، ولا يبدأ بتعليم الناس البيع والشراء، وهم في مسيس الحاجة إلى تعلم الوضوء والصلاة.
٣ - الحكمة تجعل الداعية إلى اللَّه يتأمل ويراعي أحوال المدعوين وظروفهم وأخلاقهم وطبائعهم، والوسائل التي يؤتون من قبلها، والقدر الذي يبين لهم في كل مرة حتى لا يثقل عليهم، ولا يشق بالتكاليف قبل استعداد النفوس لها، والطريقة التي يخاطبهم بها، والتنويع والتشويق في هذه الطريقة حسب مقتضياتها، ويدعو إلى اللَّه بالعلم لا بالجهل، ويبدأ بالمهم فالذي يليه، ويُعلم العامة ما يحتاجونه بألفاظ وعبارات قريبة من أفهامهم ومستوياتهم، ويخاطبهم على قدر عقولهم، فالحكمة تجعل الداعية ينظر ببصيرة المؤمن، فيرى حاجة الناس فيعالجها بحسب ما يقتضيه الحال، وبذلك ينفذ إلى قلوب الناس من أوسع الأبواب، وتنشرح له صدورهم، ويرون فيه المنقذ الحريص على سعادتهم ورفاهيتهم وأمنهم واطمئنانهم، وهذا كله من الدعوة إلى اللَّه بالحكمة التي هي الطريق الوحيد للنجاح.
والمهم أن تكون أقوال الداعية إلى اللَّه - تعالى - وأفعاله وتدبيراته وأفكاره نابعة من الحكمة، موافقة للصواب، غير متقدمة على أوانها ولا متأخرة، لا زيادة فيها عما ينبغي ولا نقص، مجتهدًا في معرفة نفعه وصلاحه، سالكًا أقرب طريق يوصل إلى ذلك.
1 / 7
المبحث الأول: مفهوم الحكمة: لغةً وشرعًا
المطلب الأول: مفهوم الحكمة في اللغة:
جاءت كلمة الحكمة في اللغة بعدة معان، منها:
١ - تستعمل بمعنى: العدل، والعلم، والحلم، والنبوة، والقرآن، والإنجيل.
وأحكم الأمر: أتقنه فاستحكم، ومنعه عن الفساد (١).
٢ - والحكمة عبارة عن معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم، ويُقال لمن يحسن دقائق الصناعات ويتقنها: حكيم (٢).
٣ - والحكيم: المتقن للأمور، يقال للرجل إذا كان حكيمًا: قد أحكمته التجارب (٣).
٤ - والحَكَمُ والحكيم هما بمعنى: الحاكم والقاضي، والحكيم
_________
(١) القاموس المحيط، لمجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي، المتوفى سنة ٨١٧هـ، باب الميم، فصل الحاء، ص١٤١٥، وانظر: لسان العرب لابن منظور، باب الميم، فصل الحاء ١٢/ ١٤٣، ومختار الصحاح، مادة: حكم ص٦٢.
(٢) النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب الحاء مع الكاف، مادة حكم ١/ ١١٩، وانظر: لسان العرب لابن منظور، باب الميم، فصل الحاء، ١٢/ ١٤٠، والمعجم الوسيط، مادة: حكم، ١/ ١٩٠.
(٣) انظر: لسان العرب لابن منظور، باب الميم، فصل الحاء، ١٢/ ١٤٣، ومختار الصحاح، مادة: حكم، ص٦٢.
1 / 8
فعيل بمعنى فاعل، أو هو الذي يُحكِمُ الأشياء ويتقنها، فهو فعيل بمعنى مفعل (١).
٥ - والحكمة: إصابة الحق بالعلم والعقل (٢).
٦ - والحكيم: المانع من الفساد، ومنه سُمِّيت حَكَمة اللجام؛ لأنها تمنع الفرَس من الجري والذهاب في غير قصد، والسورة المحكمة، الممنوعة من التغيير وكل التبديل، وأن يلحق بها ما يخرج عنها، ويزداد عليها ما ليس منها.
والحكمة من هذا؛ لأنها تمنع صاحبها من الجهل، ويقال: أحكم الشيء، إذا أتقنه، ومنعه من الخروج عما يريد، فهو محكم وحكيم على التكثير (٣).
٧ - والحَكَمَةُ: ما أحاط بحنكي الفرَس، سُمِّيت بذلك؛ لأنها تمنعه من الجري الشديد، وتذلل الدابة لراكبها، حتى تمنعها من الجماح، ومن كثير من الجهل، ومنه اشتقاق الحكمة؛ لأنها تمنع صاحبها من أخلاق الأراذل (٤).
_________
(١) انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير باب الحاء مع الكاف، مادة: حكم،
١/ ٤١٩.
(٢) المفردات في غريب القرآن، للراغب الأصفهاني، كتاب الحاء، مادة: حكم، ص١٢٧.
(٣) انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، ١/ ٢٨٨، بتصرف يسير.
(٤) انظر: المصباح المنير، لأحمد بن محمد الفيومي، المتوفى سنة ٧٧٠هـ، مادة: الحكم،
١/ ١٤٥، وتاج العروس، ٨/ ٢٥٣.
1 / 9
٨ - والحُكْمُ: هو المنع من الظلم، وسميت حكمة الدابة، لأنها تمنعها، يقال: حكمت الدابة وأحكمتها، ويقال: حكمت السفيه وأحكمته: إذا أخذت على يديه، والحكمة هذا قياسها؛ لأنها تمنع من الجهل، وتقول: حكمت فلانًا تحكيمًا: منعته عما يريد (١).
ومما تقدم يتضح ويتبين أن الحكمة يظهر فيها معنى المنع، فقد استعملت في عدة معان تتضمن معنى المنع:
فالعدل: يمنع صاحبه من الوقوع في الظلم.
والحلم: يمنع صاحبه من الوقوع في الغضب.
والعلم: يمنع صاحبه من الوقوع في الجهل.
والنُّبُوّة، والقرآن، والإنجيل: فالنبي إنما بُعِثَ لمنع من بعث إليهم من عبادة غير اللَّه، ومن الوقوع في المعاصي والآثام، والقرآن والإنجيل وجميع الكتب السماوية أنزلها اللَّه تتضمن ما يمنع الناس من الوقوع في الشرك وكل منكر وقبيح.
ومن فسر الحكمة بالمعرفة فهو مبني على أن المعرفة الصحيحة فيها معنى المنع، والتحديد، والفصل بين الأشياء، وكذلك الإتقان، فيه منع للشيء المتقن من تطرق الخلل والفساد إليه، وفي هذا المعنى قال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀: «الإحكام هو الفصل والتمييز والفرق والتحديد الذي به يتحقق الشيء ويحصل
_________
(١) مقاييس اللغة لأبي الحسين أحمد بن فارس، ٢/ ٩١، باب الحاء والكاف، مادة: حكم.
1 / 10
إتقانه؛ ولهذا دخل فيه معنى المنع كما دخل في الحد بالمنع جزء معناه لا جميع معناه» (١).
المطلب الثاني: مفهوم الحكمة في الاصطلاح الشرعي
ذكر العلماء مفهوم الحكمة في القرآن الكريم والسنة النبوية (٢)،
_________
(١) مجموعة الرسائل الكبرى، لابن تيمية، ٢/ ٧.
(٢) جاء لفظ: الحكمة في كتاب الله - تعالى - في أكثر من تسعة عشر موضعًا، انظر: سورة البقرة، الآيات: ١٢٩، ١٥١، ٢٣١، ٢٥١، ٢٦٩، وآل عمران: ٤٨، ٨١، ١٦٤، والنساء: ٥٤، ١١٣، والمائدة: ١١٠، والنحل ١٢٥، والإسراء: ٣٩، ولقمان: ١٢، والأحزاب: ٣٤، ص: ٢٠، والزخرف: ٦٣، والقمر: ٥، والجمعة: ٢.
وجاء لفظ الحكمة في السنة النبوية في عدة مواضع، انظر معظمها في: البخاري مع الفتح، كتاب العلم، باب الاغتباط في العلم والحكمة، ١/ ١٦٥، برقم ٧٣، وكتاب فضائل الصحابة، باب ذكر عن ابن عباس ﵁، ٧/ ١٠٠، برقم ٣٧٥٦، وكتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، برقم ٧٢٧٠، وكتاب المغازي، باب قدوم الأشعريين وأهل اليمن، ٨/ ٩٨، ٩٩، برقم ٤٣٨٨، و٤٣٩٠، وكتاب الأدب، باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه، ١٠/ ٥٣٧، برقم ٦١٤٥، وباب الحياء، ١٠/ ٥٢١، برقم ٦١١٧. ومسلم، كتاب الإيمان، باب تفاضل أهل الإيمان فيه ورجحان أهل اليمن فيه، ١/ ٧١ - ٧٣، برقم ٥١، وباب عدد شعب الإيمان، ١/ ٦٤، برقم ٣٧، وكتاب صلاة المسافرين، باب فضل من يقوم بالقرآن ويعلمه وفضل من تعلم حكمة من فقه وغيره فعمل بها وعلمها، ١/ ٥٥٩، برقم ٨١٦، والترمذي، كتاب العلم، باب ما جاء في فضل العلم على العبادة ٥١، برقم ٢٦٨٧، وكتاب البر والصلة، باب ما جاء في التجارب، ٤/ ٣٧٩، برقم ٢٠٣٣، وابن ماجه في كتاب الزهد، باب الحكمة ٢/ ١٣٩٥، برقم ٤١٦٩، والدارمي في المقدمة، باب من هاب الفتيا مخافة السقط، ١/ ٧٥، برقم ٢٩٣، وباب التوبيخ لمن يطلب العلم لغير الله، ١/ ٩٠، برقم ٣٩٥، وباب فضل العلم والعالم، ١/ ٨٤، برقم ٣٥٧، وكتاب فضائل القرآن، وباب فضل من قرأ القرآن، ٢/ ٣١٢، برقم ٣٣٣٠.
1 / 11
واختلفوا على أقوال كثيرة، فقيل: الحكمة: النبوة، وقيل: القرآن والفقه به: ناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، ومقدمه ومؤخره، وحلاله وحرامه، وأمثاله. وقيل: الإصابة في القول والفعل، وقيل: معرفة الحق والعمل به، وقيل: العلم النافع والعمل الصالح، وقيل: الخشية للَّه، وقيل: السنة، وقيل: الورع في دين اللَّه، وقيل: العلم والعمل به، ولا يسمى الرجل حكيمًا إلا إذا جمع بينهما، وقيل: وضع كل شيء في موضعه. وقيل: سرعة الجواب مع الإصابة (١).
_________
(١) انظر: تفسير مفهوم الحكمة في القرآن الكريم والسنة النبوية في المصادر التالية: جامع البيان في تفسير القرآن، لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري، ١/ ٤٣٦، ٣/ ٦٠، ٦١، وتفسير غرائب القرآن للنيسابوري المطبوع بهامش تفسير الطبري، ١/ ٤١٣، وتفسير البغوي، ١/ ٢٥٦، ١/ ١١٦، وزاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي، ١/ ٣٢٤، ١/ ١٤٦، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي، ٢/ ١٣١، ٣/ ٦٠، ٦١، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير، ١/ ١٨٤، ١/ ٣٢٣، وروح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني للألوسي، ١/ ٣٨٧، ٣/ ٤١، وفتح القدير للشوكاني، ١/ ٢٨٩، ١/ ١٤٤، وتفسير المنار لمحمد رشيد رضا، ١/ ٤٧٢، ٢/ ٢٩، ٣/ ٧٥، ٣/ ٢٦٣، وتفسير المراغي، ١/ ٢١٤، ٢/ ١٩، ٣/ ٤١، وتفسير السعدي، ١/ ١٧٣، ١/ ٢٩٠، ٦/ ١٥٤، وفي ظلال القرآن لسيد قطب، ١/ ٣١٢، ١/ ١٣٩، ٣٩٩، ٢/ ٩٩٧، وصفوة المفاهيم والآثار لعبد الرحمن الدوسري، ٢/ ٣٦٠، ٤١٦، ٣/ ٤٩٨، ٤٩٩، ودرء تعارض العقل والنقل لابن تيمية، ٦/ ٦٦، ٦٧،
٩/ ٢٢/ ٢٣، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، ١٩/ ١٧٠، ومدارج السالكين لابن القيم، ٢/ ٤٧٨، ٤٧٩، والتفسير القيم لابن القيم، ص٢٢٧، وفتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني، ١/ ٦٧، ٧٠، ٦/ ٥٣١، ٧/ ١٠٠، ١٠/ ٥٢٢، ٥٢٩/ ٥٤٠، وشرح النووي على صحيح مسلم، ٢/ ٧/ ٣٣، ٦/ ٩٨، ١٥/ ١٢، وتحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي، ٦/ ١٨٢، ٧/ ٥٨، ١٠/ ٣٢٧، وعون المعبود شرح سنن أبي داود، ١٣/ ٣٥٤، ٣٥٥.
1 / 12
وقد ذكر بعضهم تسعة وعشرين قولًا في تعريف الحكمة (١).
«وهذه الأقوال كلها قريب بعضها من بعض؛ لأن الحكمة مصدر من الإحكام، وهو الإتقان في قول أو فعل، فكل ما ذكر فهو نوع من الحكمة التي هي الجنس، فكتاب اللَّه حكمة، وسنة نبيه ﷺ حكمة، وكل ما ذكر من التفصيل فهو حكمة. وأصل الحكمة ما يمتنع به من السفه. فقيل للعلم حكمة؛ لأنه يمتنع به من السفه، وبه يعلم الامتناع من السفه الذي هو كلُّ فعلٍ قبيح ...» (٢).
وعند التأمل والنظر نجد أن التعريف الشامل الذي يجمع ويضم جميع هذا الأقوال في تعريف الحكمة هو: «الإصابة في الأقوال والأفعال، ووضع كل شيء في موضعه».
فجميع الأقوال تدخل في هذا التعريف؛ لأن الحكمة مأخوذة
_________
(١) انظر: تفسير البحر المحيط، لمحمد بن يوسف، أبو حيان الأندلسي، ٢/ ٣٢٠.
(٢) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، ٣/ ٣٣٠، وانظر: البحر المحيط، ٢/ ٣٢٠، قال الإمام النووي ﵁: وأما الحكمة ففيها أقوال كثيرة مضطربة قد اقتصر كل من قائليها على بعض صفات الحكمة، وقد صفا لنا منها: أن الحكمة عبارة عن العلم المتصف بالأحكام، المشتمل على المعرفة بالله ﵎ المصحوب بنفاذ البصيرة، وتهذيب النفس، وتحقيق الحق والعمل به، والصد عن اتباع الهوى والباطل، والحكيم من له ذلك. قال أبو بكر بن دريد: <كل كلمة وعظتك وزجرتك أو دعتك إلى مكرمة أو نهتك عن قبيح فهي حكمة وحكم>، شرح النووي على صحيح مسلم، ٢/ ٣٣.
1 / 13
من الحكم وفصل القضاء الذي هو بمعنى الفصل بين الحق والباطل، يقال: إن فلانًا لحكيم بيِّن الحكمة، يعني: أنه لبين الإصابة في القول والفعل، فجميع التعاريف داخلة في هذا القول؛ لأن الإصابة في الأمور إنما تكون عن فهم بها، وعلم، ومعرفة، والمصيب عن فهم منه بمواضع الصواب يكون في جميع أموره: فهمًا، خاشيًا للَّه، فقيهًا، عالمًا، عاملًا بعلمه، ورعًا في دينه ... والحكمة أعم من النبوة، والنبوة بعض معانيها وأعلى أقسامها؛ لأن الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - مسددون، مفهمون، وموفقون لإصابة الصواب في الأقوال، والأفعال، والاعتقادات، وفي جميع الأمور (١).
والحكمة في كتاب اللَّه نوعان (٢): مفردة، ومقرونة بالكتاب.
فالمفردة كقوله تعالى: ﴿ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ (٣). وقوله تعالى: ﴿يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ (٤)، وقوله سبحانه: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ للَّهِ وَمَن يَشْكُرْ
_________
(١) انظر: تفسير الطبري، ١/ ٤٣٦، ٣/ ٦١.
(٢) انظر: مدارج السالكين، لابن القيم ٢/ ٤٧٨، والتفسير القيم لابن القيم، ص٢٢٧.
(٣) سورة النحل، الآية: ١٢٥.
(٤) سورة البقرة، الآية: ٢٦٩.
1 / 14
فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ (١).
وهذه الحكمة فُسِّرت بما تقدم من أقوال العلماء في تعريف الحكمة، وهذا النوع كثير في كتاب اللَّه تعالى.
أما الحكمة المقرونة بالكتاب، فهي السنة من: أقوال النبي ﷺ وأفعاله، وتقريراته، وسيرته، كقوله تعالى: ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ﴾ (٢)، وقوله: ﴿وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ (٣)، ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ﴾ (٤)، ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ﴾ (٥). وغير ذلك من الآيات.
_________
(١) سورة لقمان، الآية: ١٢.
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٢٩.
(٣) سورة البقرة، الآية: ٢٣١.
(٤) سورة آل عمران، الآية: ١٦٤.
(٥) سورة الجمعة، الآية: ٢.
1 / 15
وممن فسر الحكمة المقرونة بالكتاب بالسنة: الإمام الشافعي والإمام ابن القيم، وغيرهما من الأئمة (١).
المطلب الثالث: العلاقة بين التعريف اللغوي والشرعي
عند التأمل والنظر نجد علاقةً قويةً بين المعنى اللغوي والشرعي، فكلاهما يجعل العلم النافع، والعمل الصالح الصواب المحكم المتقن أصلًا من أصول الحكمة، وعلى هذا فيكون التعريف الجامع المانع للحكمة هو: «الإصابة في القول والعمل والاعتقاد ووضع كل شيء في موضعه بإحكام وإتقان». واللَّه أعلم.
وبهذا التعريف يتبيَّن ويتَّضح أن الحكمة في الدعوة إلى اللَّه لا تقتصر على الكلام اللين، أو الترغيب، أو الحلم، أو الرفق، أو العفو ... بل هي إتقان الأمور وإحكامها بأن تنزل جميع الأمور منازلها، فيوضع القول الحكيم والتعليم والتربية في مواضعها، وتوضع الموعظة في موضعها، والمجادلة بالتي هي أحسن في موضعها، ومجادلة الظالم المعاند في موضعها، كما قال ﷿ ﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ﴾ (٢)، ويُوضع الزجر والقوة، والغلظة، والشدة، والسيف في مواضعها، وهذا هو عين الحكمة. وقد قال أحكم الحاكمين لسيد
_________
(١) انظر: مدارج السالكين لابن القيم، ٢/ ٤٧٨، والتفسير القيم، ص٢٢٧.
(٢) سورة العنكبوت، الآية: ٤٦.
1 / 16
الحكماء والناس أجمعين: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ﴾ (١).
كل ذلك بإحكام وإتقان ومراعاة لأحوال المدعوين، والأزمان، والأماكن في مختلف العصور والبلدان، وبإحسان القصد والرغبة فيما عند الكريم المنان (٢).
ومن أراد البرهان العملي على ذلك فعليه أن ينظر إلى ما كان عليه رسول اللَّه ﷺ، ومعاملته لأصناف الناس، وهو الذي أعطاه اللَّه من الحكمة ما لم يعطِ أحدًا من العالمين (٣).
المبحث الثاني: أنواع الحكمة ودرجاتها
المطلب الأول: أنواع الحكمة
الحكمة نوعان:
النوع الأول: حكمة علمية نظرية، وهي الاطلاع على بواطن الأشياء، ومعرفة ارتباط الأسباب بمسبباتها، خلقًا وأمرًا، وقدرًا
_________
(١) سورة التوبة، الآية: ٧٣، وانظر: سورة التحريم، الآية: ٩.
(٢) انظر: فتاوى شيخ الإسلام، ١٩/ ١٦٤، ومفتاح دار السعادة لابن القيم، ١/ ١٩٤، والتفسير القيم، ص٣٤٤، وتفسير ابن كثير ٣/ ٤١٦، وزاد الداعية إلى الله للشيخ محمد بن صالح العثيمين ﵁، ص١٥.
(٣) انظر: التفسير القيم لابن القيم، ص٣٤٤، الهامش.
1 / 17
وشرعًا.
النوع الثاني: حكمة عملية، وهي وضع الشيء في موضعه (١).
فالحكمة النظرية مرجعها إلى العلم والإدراك، والحكمة العملية مرجعها إلى فعل العدل والصواب، ولا يمكن خروج الحكمة عن هذين المعنيين؛ لأن كمال الإنسان في أمرين: أن يعرف الحق لذاته، وأن يعمل به، وهذا هو العلم النافع والعمل الصالح.
وقد أعطى اللَّه ﷿ أنبياءه ورسله ومن شاء من عباده الصالحين هذين النوعين، قال تعالى عن إبراهيم ﷺ: ﴿رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا﴾، وهو الحكمة النظرية، ﴿وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ (٢)، وهو الحكمة العملية.
وقال تعالى لموسى ﷺ: ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا﴾، وهو الحكمة النظرية، ﴿فَاعْبُدْنِي﴾ (٣)، وهو الحكمة العملية.
وقال عن عيسى ﷺ: ﴿إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا﴾، وهو الحكمة النظرية، ﴿وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا﴾ (٤)، وهو الحكمة العملية.
_________
(١) انظر: مدارج السالكين لابن القيم، ٢/ ٤٧٨.
(٢) سورة الشعراء، الآية: ٨٣.
(٣) سورة طه، الآية: ١٤.
(٤) سورة مريم، الآيتان: ٣٠ - ٣١.
1 / 18
وقال في شأن محمد ﷺ: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ﴾، وهو الحكمة النظرية، ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ﴾ (١)، وهو الحكمة العملية.
وقال في جميع الأنبياء: ﴿يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَاْ﴾، وهو الحكمة النظرية، ثم قال: ﴿فَاتَّقُونِ﴾ (٢)، وهو الحكمة العملية (٣).
المطلب الثاني: درجات الحكمة العملية
الحكمة العملية لها ثلاث درجات:
الدرجة الأولى: «أن تعطي كل شيء حقه، ولا تعدِّيه حده، ولا تعجله عن وقته، ولا تؤخِّره عنه».
لما كانت الأشياء لها مراتب وحقوق تقتضيها، ولها حدود ونهايات تصل إليها ولا تتعداها، ولها أوقات لا تتقدم عنها ولا تتأخر، كانت الحكمة مراعاة هذه الجهات الثلاث بأن تعطي كل مرتبة حقها الذي أحقه اللَّه لها بشرعه وقدره، ولا تتعدى بها حدها فتكون متعديًا مخالفًا للحكمة، ولا تطلب تعجيلها عن وقتها فتخالف الحكمة، ولا تؤخرها عنه فتفوتها، وهذا حكم عام لجميع
_________
(١) سورة محمد، الآية: ١٩.
(٢) سورة النحل، الآية: ٢.
(٣) انظر: التفسير الكبير للفخر الرازي، ٧/ ٦٨.
1 / 19
الأسباب مع مسبباتها شرعًا وقدرًا، فإضاعتها تعطيل للحكمة بمنزلة إضاعة البذر وسقي الأرض، وتعدي الحق كسقيها فوق حاجتها، بحيث يغرق البذر والزرع ويفسد، وتعجيلها قبل وقتها كحصاده قبل إدراكه وكماله، وهذا يكون فعل ما ينبغي على الوجه الأكمل في الوقت المناسب (١).
الدرجة الثانية: معرفة عدل اللَّه في وعيده، وإحسانه في وعده، وعدله في أحكامه الشرعية والكونية الجارية على الخلائق، فإنه لا ظلم فيها ولا جور، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ (٢)، وكذلك معرفة بره في منعه، فإنه سبحانه هو الجواد الذي لا ينقص خزائنه الإنفاق، ولا يغيض ما في يمينه سعة عطائه، فهو سبحانه لا يضع بره وفضله إلا في موضعه ووقته بقدر ما تقتضيه حكمته، فما أعطى إلا بحكمته ولا منع إلا بحكمته، ولا أضل إلا بحكمته.
الدرجة الثالثة: البصيرة، وهي قوة الإدراك، والفطنة، والعلم، والخبرة (٣).
والبصيرة هي أعلى درجات العلم التي تكون نسبة العلوم فيها إلى القلب كنسبة المرئي إلى البصر، وهذه الخصيصة التي اختص بها الصحابة عن سائر الأمة ثم المخلصين من أتباع النبي ﷺ، وهي
_________
(١) انظر: مدارج السالكين، ٢/ ٤٧٩.
(٢) سورة النساء، الآية: ٤٠، وانظر: مدارج السالكين، ٢/ ٤٨١.
(٣) المعجم الوسيط، مادة: بصر، ١/ ٥٩.
1 / 20
أعلى درجات العلماء (١)، قال تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ (٢)، فقد أمر اللَّه رسوله ﷺ، أن يخبر الناس أن هذه طريقته ومسلكه وسنته وهي الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، يدعو إلى اللَّه على بصيرة من ذلك، ويقين وبرهان، وعلم، وكل من اتبعه يدعو إلى ما دعا إليه رسول اللَّه ﷺ، على بصيرة ويقين، وبرهان عقلي وشرعي (٣)، والبصيرة في الدعوة إلى اللَّه في ثلاثة أمور:
الأمر الأول: أن يكون الداعية على بصيرة فيما يدعو إليه بأن يكون عالمًا بالحكم الشرعي فيما يدعو إليه؛ لأنه قد يدعو إلى شيء يظنه واجبًا وهو في شرع اللَّه غير واجب فيلزم عباد اللَّه بما لم يلزمهم اللَّه به، وقد يدعو إلى ترك شيء يظنه محرمًا، وهو في دين اللَّه غير محرم، فيحرم على عباد اللَّه ما أحله اللَّه لهم.
الأمر الثاني: أن يكون على بصيرة بحال المدعو، فلابد من معرفة حال المدعو: الدينية، والاجتماعية، والاعتقادية، والنفسية، والعلمية، والاقتصادية حتى يقدم له ما يناسبه.
_________
(١) انظر: مدارج السالكين، ٢/ ٤٨٢.
(٢) سورة يوسف، الآية: ١٠٨.
(٣) انظر: تفسير ابن كثير ٢/ ٤٩٦، وتفسير السعدي، ٤/ ٦٣.
1 / 21