ان القدمآ الاولين الذين سلكوا سبيل علم الحق اليقين ابتدوا من لدن فيثاغورس ان يحدوا الفلسفة بانها ايثار الحكمة وذلك على ما يوافق ما يدل عليه اسم الفلسفة فى اللغة اليونانية واما من كان من قبل فيثاغورس من الفلاسفة فانما كان الناس يسمونها الحكمة تسمية مرسلة تعم وتشمل اشيا اخر كما قد يسمى البناوون والاساكفة والملاحون حكما فى صنايعهم وتسمى بهذا الاسم فى الجملة كل من كان حاذقا ماهرا مجربا فى صناعة من الصنايع او عمل من الاعمال الا ان فيثاغورس قبض معنى هذا الاسم واقتصر به على الدلالة على علم اليقين بالشى الموجود حق الوجود وخص معرفة حقيقة جميع امور هذا الشى الموجود باسم الحكمة فبالواجب ما لقب اذا الشوق الى هذه المعرفة واختيارها والجد فى طلبها فلسفة ومعنى ذلك حب الحكمة وايثارها اذ كانت الفلسفة شوقا الى الحكمة وايثارا لها وهذا المعنى الذى ذكرنا من معانى اسم الفلسفة اولى ما استعمل فيه هذا الاسم واصلح من المعانى التى تحد بغير هذا الحد اذ كان ذلك معنى خاصا وعملا مفردا يدل عليه اسم مفرد فاما هذه الحكمة التى ذكرنا فانه لما راى ان العلم بها يحتاج ان يكون علم يقين حدها بانها ادراك الشى الموضوع الذى لا يتغير ولا يستحيل واما الاشيا الموجودة التى ذكرنا فحدها بانها الاشيا التى تكون فى العالم وتجرى ابدا على حال واحد بعينه دايما فلا تفارق ما هى عليه فى وقت من الاوقات بتة فى شى قل او كثر وهذه الاشيا هى الاشيا الابدية الدايمة التى ليست هيولانية فاما كل واحد من الاشيا الباقية فانما يسمى بهذا الاسم لمشاركته للاشيا التى ذكرنا فيقال انها موجودة على جهة اتفاق الاسمآ فاما انها اشيا فانها تقال وهى ايضا كذلك بالحقيقة وذلك ان الامر فى الاشيا الجسمانية العنصرية هى ابدا فى تنقل وتميز احوال بمنزلة الشى الجارى الذى لا ثبات له وان بالواجب ما صارت بهذا السبب تشبه بطبيعة العنصر الذى هو فيها وبخواصه امر بين وذلك ان كل واحد من هذه الاشيا يتغير بكليته ويصير غير الذى كان اولا واما ما ليس بجسم مما هو بحال الاجسام او مما يرى ويظهر معه مثل الكيفية والكمية والشكل والعظم والصغر والمساواة والمخالفة والاضافة والفعل والوضع والمكان والزمان وبالجملة جميع الاشيا المطبقة باحوال كل واحد من الاجسام فانها اشيا اما بذاتها فغير متغيرة ولا منتقلة واما على جهة عرضية فانها تشارك الاعراض التى تعرض للجسم الموضوع وتقارنها وهذه الاشيا التى تسمى العلم اليقين بها خاصة باسم الحكمة واما على جهه عرضية...
[chapter 2: I 2]
पृष्ठ 12