मदखल इला सिलाज नफ्सी
مدخل إلى العلاج النفسي الوجودي
शैलियों
ولعل مواجهة المرء لموته الشخصي هي أشد المواقف الحدية وأبلغها شأنا. فمثل هذه المواجهة لها من القوة ما يحدث تحولا جسيما في الطريقة التي يعيش بها المرء في العالم. وهناك أمثلة لا تحصى على هذا المبدأ، سواء من الأدب الرفيع أو من الممارسة الإكلينيكية مع مرضى المراحل المتأخرة (يالوم، 1981م، ص160).
وقد سجل يالوم عددا من حالات التغير الشخصي الكبير الذي كان يحدث لمرضى السرطان وهم يواجهون موتهم الخاص (يالوم، 1981م، ص161). كان بعضهم يصرح أنه تعلم ببساطة أن «الوجود لا يمكن أن يسوف»، وأنهم لم يعودوا يرجئون الحياة إلى زمن لاحق في المستقبل. لقد أدرك هؤلاء المرضى أن المرء لا يمكنه أن يعيش بحق إلا في الحاضر. وهذا بالتحديد هو ما يغيب عن المريض العصابي؛ فهو إما مسكون بهواجس الماضي، أو مرعوب بتوقعات المستقبل.
إن مواجهة المرء لأحد المواقف الحدية لتحثه على أن يحصي النعم التي بين يديه، وأن يفتح عينيه من جديد على كل ما هو طبيعي من حوله؛ حقائق الحياة الأولية ... تبدل المواسم ... الرؤية والاستماع واللمس والحب. كم من خبرات غالية في الحياة تفوتها علينا همومنا التافهة وانشغالنا بما لا نملك وخوفنا على وضعنا وهيبتنا.
يتفجع كثير من مرضى المراحل المتأخرة عندما يعاينون نموا شخصيا نابعا من مواجهتهم للموت، ولسان حالهم يقول: «كم هي مأساة أن نكون بحاجة إلى أن ننتظر كل هذا العمر، وأن ينهش السرطان جسدنا كيما نتعلم هذه الحقائق البسيطة».
تلك رسالة فوق العادة موجهة إلى المعالجين. بوسع المعالج أن يستمد منها فعالية كبيرة ليساعد المرضى اليوميين (الذين لا يعانون مرضا جسميا) على أن يزيدوا وعيهم بالموت قبل الأوان المعتاد. وقد استخدم بعض المعالجين - سعيا إلى هذا الهدف - تمارين منظمة كي يواجهوا الفرد بموته الشخصي. ويسجل التراث السيكولوجي كثيرا من ورش العمل الخاصة بوعي الموت (يالوم، 1981م، ص174). وبعض قادة العلاج الجمعي يبدءون خبرة جماعية مختصرة بأن يطلبوا من الأعضاء أن يكتبوا نقش ضريحهم الخاص أو نعيهم الخاص. أو يقدمون تخيلات موجهة يتخيل فيها أعضاء الجماعة موتهم الخاص وجنازتهم. وقد قدم معمل التدريب القومي خبرة «جماعة دورة الحياة»، وفيها يقضي المشاركون وقتا وهم يعيشون ويتحدثون ويلبسون على طريقة المسنين. ويقوم هؤلاء بزيارة مقبرة محلية، ويقومون أيضا بتخيل احتضارهم وتخيل موتهم وجنازتهم.
على أن كثيرا من المعالجين لا يعتقدون في ضرورة هذه المواجهات المصطنعة بالموت ولا ينصحون بها. بل يحاولون في المقابل أن يساعدوا مرضاهم على أن يعاينوا مظاهر الفناء والموت الداخلة في نسيج الحياة اليومية ذاتها.
هناك دلائل واضحة على قلق الموت في كل علاج نفسي لو التفت إليها المعالج والمريض كما ينبغي. فما من مريض إلا ويعاني من ضرب من الفقدان ... فقدان الوالدين، الأصدقاء، الرفاق. الأحلام أيضا يراودها قلق الموت؛ فكل كابوس هو حلم بقلق الموت لم يتم حبكه. كل ما يحيط بنا يذكر بالموت؛ عظامنا ما تلبث أن تصر وتصرف كالبوابة العتيقة، بقع الشيخوخة تنبث في جلدنا، نذهب إلى حفلات قدامى الخريجين فيروعنا كيف كبر الجميع وشاخوا، أطفالنا يكبرون، دورة الحياة تطوقنا.
تسنح للمرء فرصة كبرى لمواجهة الموت عندما يجرب وفاة أحد الأقربين. وقد اقتصر تركيز التراث السيكولوجي التقليدي على جانبين من عمل الحزن
grief work : الفقدان، ثم عملية حل التناقض الوجداني
ambivalence
अज्ञात पृष्ठ