- في الزواج وانحلاله وآثارهما انعقاد الزواج: /1 - جعلت الشريعة الزواج عقدأ مدنيا محضا كسائر العقود فينعقد ويتم وينتج جميع نتائجه بمجرد اتفاق الارادتين بمحضر شاهدين دون توقف على مداخلة مرجع ديني، لأنه لا يوجد في الإسلام طبقة رجال دين لهم سلطة دينية ليست لغيرهم. ففي شريعة الإسلام لا وساطة لأحد بين الله والناس. حتى إن النبي نفسه وهو الذي جاء بالشريعة تنحصر مهمته الدينية في التبليغ، وسلطته الزمنية في التطبيق، كما يقول القرآن له : فإنما عليك البل ، (إنما أنت منذتر ولكل قوم هاد ).
فليس للنبي نفسه سلطة دينية يحكم فيها بمصير شخص عند ربه. بل كل شخص يدخله في الدين إيمانه، ويخرجه جحوده. والنبي عليه الصلاة والسلام يقول لابنته : "يا فاطمة بنت محمد، سليني ما شئت من مالي، لا أغني عنك من الله شيئا"(1) ففي الإسلام إنما يميز بين الناس في النظر الديني بميزة العلم والعمل. فالأعلم بأحكام الشريعة (وهي أحكام مقررة مكتوبة معلنة غير سرية) أيا كان الشخص الأعلم بها هو أحق بالتكلم فيها ورأيه خاضع للنقد والوزن بميزان النصوص الشرعية الثابتة .
في ظل هذا الوضع لا يتصور أن يكون الزواج في الإسلام دينيا بالمعنى المعروف للزواج الديني اليوم (وهو توقف انعقاده ونتائجه في نظر الديانة على مداخلة أحد من أصحاب السلطة الدينية في إجراءاته) وبذلك كون الشريعة الإسلامية أول مؤسس للزواج المدني الذي أخذت به جميع الدول ذات الشرائع الوضعية الحديثة.
पृष्ठ 51