عذوبة ورقة، وفي تنسيق دقيق وترتيب بديع، وربط للفروع بالأصول، وسلسلة منطقية للنظريات والأحكام. ولقد كان هذا الكتاب أول الكتب التي نقص المكتبة الإسلامية، وهو بعد وجوده أول الكتب التي ستبنى عليه النهضة الفقهية الإسلامية. فدارس الفقه الإسلامي في حاجة شديدة إلى هذا الكتاب ليعرف الأسس التي يقوم عليها الفقه، ولترتبط في ذهنه بعض هذه الأسس بالبعض الآخر ويتوجه بعد ذلك في دراسته توجهأ سليما . وأهم ما في الكتاب أن طلبة كلية الحقوق في العالم الإسلامي ستطيعون أن يقرؤوه فلا يشعرون أنهم يقرأون شيئا غريبا عليهم ولا بعيدا عنهم، بل لعلهم سيجدون في قراءته من اللذة العلمية والتعمق الفقهي ودقة التعبير اللغوي والاصطلاحي، ما يجعلهم يفضلونه على غيره من كتب القانون التي تترجم لهم ولا تؤلف، بل لعلهم يجدون فيه من الفن والروح ما لم يجدوه في كتاب آخر.
وقد استطاع المؤلف في سهولة ويسر بما وهبه الله من قوة الفهم وعمق الفقه أن يعرض النظريات الإسلامية العامة كما تعرض النظريات القانونية، وأن يصل كل كلية بفروعها، وأن يستخرج من الفروع كلياتها معتمدا في عمله على المذهب الحنفي، وإن كان يوازن في بعض المسائل بين المذاهب الإسلامية ولا ينسى في أكثر الأحوال أن يوازن بين حكم الشريعة والقوانين السورية.
والكتاب بعد ذلك مرتب ترتيبا منطقيا: فالقسم الأول منه يتكلم عن الفقه ومصادره والترتيب التاريخي لهذه المصادر، وتطور الفقه والأدوار التي مر بها ومميزاته في كل دور. والقسم الثاني يتناول النظريات الأساسية العامة: نظرية الملكية وما يدخل تحتها من أسباب الملكية وتقسيم الملك وخصائص الملكية، ونظرية العقود وما يدخل تحتها من تكوين العقد والارادة وشوائبها وآثار العقود والفسخ والبطلان وغير ذلك مما تتناوله عادة الكتب القانونية، ثم نظرية الأهلية والولاية.. إلخ وهكذا يسير الكتاب من
पृष्ठ 7