والشرائع والأديان، بعد أن هذبتهم المبادىء الإنسانية العامة التي خلفتها تعاليم السيد المسيح عليه السلام، بلغ عندئذ تفكيرهم التشريعي منتهى رقيه، فقام الامبراطور جوستنيان في القرن الخامس الميلادي بتقنين الشرع الروماني و تحريره من جديد، فأصبح أساسا لمعظم الشرائع الأوربية إلى هذا اليوم .ا /1 - ننتهي من هذه النظرة الخاطفة في القانون الوضعي بوجه عام الى الحقيقة التالية: إن التشريع بوجه عام له ثلاث وظائف كبرى في الأمة: العلاج، والوقاية، والتوجيه: - فهو علاج للعلل الاجتماعية والمشكلات الاقتصادية الواقعة.
- وهو وقاية من العلل والمشكلات المتوقعة.
وهو توجيه وتمهيد لاستمرار التكامل حتى يبلغ تنظيم الحقوق والالتزامات والمصالح مستواه الأكمل، كما يبلغ صاعد الجبل ذروته تدريجيا إذا استمر في اتجاهه إليها.
ولكي تتحقق هذه الوظائف الثلاث في التشريع يجب أن يكون الزاميا، -، وإلا كان من قبيل المواعظ والإرشادات الأخلاقية .
م لكي تضمن له الطاعة في العمل والتطبيق يحتاج الشرع الأصلي الى نوع إضافي من الأحكام التشريعية يسمى : المؤيدات - وهي : اما زواجر مدنية كبطلان العقود المخالفة للنظام، وإما عقوبات تأديبية كالسجن والغرامات على الجرائم العدوانية لكي يضطر المكلف إلى التزام حدود الطاعة . على أنه إذا كان الشرع يفترق عن المبادىء الأخلاقية من ناحية القوق الالزامية، فإنه دائما يفتقر في التطبيق إلى الأخلاق التي يفترق عنها في المفهوم. ذلك لأن باب الاحتيال على القانون لا يمكن سده في وجه الأذكياء من الناس الذين يقف القانون حائلا دون منافعهم ومطامعهم غير المشروعة إلا إذا توافرت الأخلاق الفاضلة لديهم، حتى تصبح أحكام القانون محترمة مقدسة في نفوسهم، فلا يستبيحوا هضم حقوق الغير أو
पृष्ठ 45