मलायका का शहर

यूसुफ इदरीस d. 1412 AH
68

मलायका का शहर

مدينة الملائكة

शैलियों

ويا له من غباء!

إذ في النهاية يتضح السبب في حماس الأكاديمية لتوجيه دعوة ثقافية أنا رئيسها لمصر.

فلقد قامت السلطات المصرية بالقبض على أحد المصريين من أصدقاء الهرميشلر والأكاديمية كان يقيم في ألمانيا الغربية وعاد إلى مصر وبدأ التحقيق معه في التهم المنسوبة إليه، وهنا فقط تحرك الهرميشلر لإنقاذ صديقه، وعرض أن يقيم أسبوعا ثقافيا لمصر في ألمانيا مقابل إطلاق سراح الصديق، هي صفقة إذن لعلها أغرب صفقة في التاريخ، هكذا في النهاية يتضح السبب الحقيقي وراء الدعوة ويتضح سر الحماس ويتبدى للشخصية الألمانية جانب جديد آخر. إني كنت على صواب في اعتقادي أن المسائل لا تبدو طبيعية بالمرة، لقد أحطنا في برلين بذلك التكتم الشديد، فلو تمت زيارة حقيقية ووصلنا إلى مخاطبة الرأي العام هناك والالتقاء مباشرة مع جمهور المثقفين، لو وصل صوتنا فعلا للرأي العام واستطعنا النفاذ من حاجز الكلمة والصوت والصورة وتعدينا لبحر الأكاذيب التي تروج هنا لغضبت إسرائيل ولثارت ركائزها في ألمانيا، واعتبرت أن ما حدث جريمة ارتكبتها الأكاديمية وارتكبها ميشلر، ولعاقبتهم العقاب الوخيم. وهكذا اتضح بعد آخر للشخصية الألمانية ماركة شيرنجر وشتراوس، وكول ... إنها شخصية لا تقدم على عمل إلا إذا كان يخدم أهدافها أولا وأخيرا، حتى الملايين التي تدفعها لإسرائيل في حقيقة أمرها أولا لصالح ألمانيا، لصالح بقاء التخلف جاثما على أنفاس شرقنا العربي! وحتى ولو كان لصالح اليهود فالموقف الآن يخدم إسرائيل ويخدم ألمانيا الغربية وأمريكا وكل معاقل الرأسمال، والتناقض إن وجد فهو ليس الرئيسي؛ إذ التناقض الأول ما عدا هذا فهو فرعي ولا أهمية خطيرة له.

أجل لقد خرجت من رحلتي إلى اليابان وألمانيا أن «المتعوس» الخطير قد التقى «بخائب الرجا» الأخطر كما نقول في أمثالنا العامية وهو لقاء يا ويل العالم منه.

المجتمعات الوسط

لشعبنا خاصية غريبة لم أكن أتصورها، كنت أناقش ذات يوم في لندن إخصائيا كبيرا في اختبارات الذكاء بمستشفى «هامر سميث» حيث كان طفل مصري يفحص من إصابة، وحين أجريت عليه اختبارات الذكاء كانت نسبة درجاته أعلى بكثير من المعتاد في هذه السن، حسبت الطفل نابغة أو فلتة، ولكن فوجئت بالإخصائي يقول إن هذا ليس أول طفل من بلادكم أجري له الاختبار، هذا في الواقع الطفل العاشر، وهو ليس أول الحاصلين على هذه النسبة، إنه السابع ... واعتمادا على خبرتي أستطيع أن أقول إن هذه ربما أعلى نسبة للذكاء بين أطفال العالم.

وأحسست بفرحة حقيقية، كان كلامه كالخبر المفرح المفاجئ، وقبل أن أعلق كان هو يهز رأسه آسفا ليقول: ولكن الغريب أن أطفالكم يظلون كذلك إلى حوالي الخامسة ثم تبدأ نسبة ذكائهم في الهبوط، بينما تأخذ نسبة قرنائهم الإنجليز أو غيرهم في الارتفاع بحيث يتفوقون عليهم بمراحل.

وتراجعت فرحتي واحترت، واحتار معي هو الآخر، ولكنا بالنقاش وصلنا إلى ما يمكن أن يكون السبب؛ فحتى هذه السن يكون ذكاء الطفل مستمدا من مخزونه الوراثي من الذكاء، ولكنه بعدها يعتمد ذكاؤه على مدى تفاعل ذكائه الموروث مع بيئته وعلى مدى أثر البيئة في تنمية الذكاء، تماما كأي عضلة تولد بقوة معينة ولكن قوتها تبدأ تعتمد على التدريب والتمارين التي تزاولها.

أنحن إذن نولد أذكى؟

هذه حقيقة.

अज्ञात पृष्ठ