मदीना फादिला कब्र तारीख
المدينة الفاضلة عبر التاريخ
शैलियों
وهم يلجئون أيضا لاستخدام الإرهاب بذكاء، كما أنهم بارعون في حرب الدعاية: «إنهم يرون فيها (أي عادة المزايدة من أجل شراء الأعداء) انعكاسا لعمل جدير بالثناء، لأنه يعكس ما يتسمون به من حكمة، ينهون بواسطتها حروبا كبيرة دون معارك، أولا، ومن إنسانية ورحمة لأنهم بموت بضعة أشخاص مذنبين يشترون حياة الكثير من الأشخاص الذين لا ضرر منهم، ممن كانوا سيسقطون في القتال في كل من جانبهم وجانب الأعداء، ثانيا. إنهم يشفقون على جمهور الشعب من الأعداء كما يشفقون على أبناء شعبهم، فهم يعرفون أن عامة الشعب يخوضون الحرب لا بمحض إرادتهم بل مدفوعين إليها نتيجة جنون الملوك. فإذا لم تنجح هذه الخطة، بذروا بذور الفتنة على أوسع نطاق، وشجعوا الصراع ببث الأمل في الحصول على العرش في نفس أخ للملك أو نبيل من النبلاء.»
45
وبقدر ما يبخل أهل يوتوبيا في المعارك الحربية بحياة مواطنيهم، فإنهم يسرفون في التضحية بحياة المرتزقة الذين يجندونهم من أمة تدعى «الزابوليت»
Zapolets . وهنا يغتنم مور الفرصة للتنفيس عن احتقاره وكراهيته للسويسريين، الذين اعتادوا مساندة معظم جيوش المرتزقة في عصره: «ومهما بلغ عدد أولئك الذين يدفع بهم اليوتوبيون إلى الهلاك، فذلك لا يشغلهم مطلقا، لأنهم يعتقدون أنهم سيقدمون خدمة جليلة للبشرية كلها، إذا خلصوا العالم من تلك الشرذمة الفاسدة من حثالة البشر.»
46
ويطول بنا المقام لو أردنا أن نصف حروب سكان يوتوبيا بالتفصيل، ولكن يكفي القول بأنهم يعاملون أعداءهم بما لا يحبون أن يعاملهم به أحد. وقد صدم بعض المعجبين المتحمسين لمور بأسلوب تعامله مع الحروب، فافترضوا أنه لم يصف الحرب على النحو الذي ينبغي أن تتم به، وإنما استهجن في رأيهم أساليب الحروب عند معاصريه. ومع أن هذا الافتراض ينم عن حسن النية، فإنه في الواقع بعيد الاحتمال.
وعلى أي حال فمن المعقول أن نتوقع من مور وصفا لأسلوب عقلاني وعادل في شن الحروب. فالحرب، كما قال هو نفسه، شيء وحشي جدا، والوسيلة الوحيدة التي كان ينتظر منه أن يستعين بها للتعامل معها بطريقة إنسانية هي المطالبة بإلغائها جملة وتفصيلا.
ولا يتسع المقام للحديث عن الأفكار الدينية والفلسفية لسكان يوتوبيا. فمور، مثله مثل إرازموس والعديد من أصحاب النزعة الإنسانية في عصر النهضة، يؤمن بأن الإنسان مسيحي بالفطرة، وأن إيمانه لا يعتمد على الوحي الإلهي؛ لأن الدين ينبع من القلب ويكمن في محبة الله والإنسان، ولهذا ينبغي أن يوحد البشر لا أن يقسمهم إلى فرق وطوائف.
وسكان يوتوبيا لم يدخلوا في المسيحية، ولكن الغالبية العظمى منهم تعبدا إلها واحدا هو الذي يخلق العالم وهو الذي يحكمه. وهم يتسامحون مع مختلف المذاهب والعقائد، وقد اتخذوا شكلا بسيطا للعبادة يمكن أن يوحد بين الجميع. وهم يحترمون القانون الذي منحهم إياه ملكهم يوتوبوس، وهو أن «يكفل القانون لكل شخص حرية اعتناق الدين الذي يريده، ويسمح له بدعوة الآخرين إلى دينه، بشرط أن يؤيد الدعوة بالمنطق وبهدوء ووداعة، وألا يهاجم الأديان الأخرى بمرارة إذا لم تنجح حججه، وألا يستخدم العنف، ويمتنع عن السب. فإذا ما عبر عن آرائه بعنف وحماس متطرف، عوقب بالنفي أو بأن يصبح عبدا.»
47
अज्ञात पृष्ठ